السجل البدائي - الفصل 296

الفصل 296: إعادة تشكيل العالم

لم تنته ضجة القصر السامي الهارب بالرياح فحسب، فعندما مزق روان جزءًا كبيرًا من عالم السامي السامي، فقد جلب عاصفة مكانية حولت المحيط لفترة من الوقت إلى عالم من الظلام والفوضى.

لقد تم تدمير جسد روان الحالي، وكان عليه أن يستبدله بسرعة، حتى لا يترك أي علامة على الضعف، وكانت خطواته التالية حاسمة حتى لا يتم ملاحظة هذه التفاصيل على وجه الخصوص بعد، على الأقل في اللحظات القليلة القادمة.

عندما انتهت الفوضى، بالكاد تنفس الصعداء قبل أن ينزل عليه ضغط ثقيل حيث أضاءت عيون فيوري بتسعة أضواء ملونة.

كان على وشك البدء في الحديث عندما لاحظ أن روان لم يكن حتى ينظر إليه، بل على مسافة خارج العالم السامي.

لو كان العالم السامي بيضةً، لما تبقى من قشرته سوى أقل من خمسين بالمائة، والشيء الوحيد الذي يُبقي على آخر ما تبقى من استقراره هو محدودية استهلاك الفراغ. احتوى على كميات هائلة من الأثير والعديد من المواد الغامضة الأخرى التي لم يستطع روان حتى تمييزها، وكان وجودها أقوى من الفضاء العادي، وبالتالي كان تبديدها أبطأ بكثير.

إلتفت فيوري للتحقق مما لفت انتباه روان، وتم غسل غضبه من اللعب به عندما بدأت يد عملاقة مغطاة بالبرق ترتفع من الأرض.

ومن اليد همس صوت “ارجع”.

بورياس، السلف والسامي، الذي يتحكم في مسار منادي العواصف.

أنيمته هنا.

*****

لطالما كان إسقاط وعيك على أنيما شعورًا مزعجًا. لم يُعجب بورياس بذلك قط، وحتى بعد ملايين السنين لم يُعجبه. بالنسبة له، كان الأمر أشبه بقطع طرفك وسحقه، ثم إجباره على الدخول في حفرة بحجم إصبع.

كان الشعور مختلفًا بالنسبة للسامين الأخرى، ومع أنه لم يكن يكترث للألم، إلا أن ما أزعجه كانت العملية. لذا، بصفته ساميا يُشاد به كأغنى سام في الإمبراطورية، قام بأفضل ما يمكن.

على مدى آلاف السنين التي لا نهاية لها، بدأ في إنشاء مجموعة من أشكال الروح، وكان يستخدمها كبديل له في معظم المواقف، وبمرور الوقت، أتقن هذه الصيغة، وقليل من السامين يمكنهم الرؤية من خلال الواجهة.

كانت سيطرته على الجليد مطلقة، وكان بإمكانه وضع أجزاء من روحه فيه وتجميدها لملايين السنين. كان بإمكانه تخصيص تلك الأجزاء، التي اعتبرها مظاهر له، لأداء وظائف مختلفة نيابةً عنه. قلةٌ من الناس كانوا يعرفون مكان وجود الجسد الرئيسي لبورياس حقًا، وكانوا جميعًا مخطئين.

وهذا حرره لمتابعة مساع أخرى تتجاوز معرفة غولغوث والسامين الأخرى.

عندما سمع تحركات من الأنيما على أحد ممتلكاته الصغيرة على كوكب يسمى جاركار، أرسل دفعة صغيرة من وعيه، وعلى الرغم من أنه كانت هناك لأقل من جزء من الثانية، فقد فهم كل ما يحدث على هذا الكوكب لتلك الومضة القصيرة.

لقد رأى كل شيء وعبس لفترة وجيزة، كانت جميعها قطع صغيرة نسبيًا، لكنه رأى شيئًا هنا أثار اهتمامه قليلاً.

لقد تلقى تقريرًا من نسله عن الوضع في جاركار، لكن ما لم يدركه هذا الأحمق هو أن الوضع كان أكثر خطورة مما قدمه له.

كان هدف بورياس الأساسي هو السامي الساقط إيروهيم، فهو موردٌ يمكن استغلاله لملايين السنين، ولم يكن يكترث إن قُضي على الكوكب بأكمله أو على سكانه، وقد أدرك أحفاده هذه الحقيقة، وقد أوضحها. ولهذا السبب احتفظ بأنيما داخل رأس إيروهيم.

بطريقة ما، قُتل السامي دون أن يعلم، حتى قبل لحظات. كل هذا يُنذر بتلاعب خارجي، فأصبح فضوليًا بعض الشيء، وتجاهل غضبه من موت إيروهيم مؤقتًا لأنه كان يعلم أنه سيُجبر الجناة على دفع جزائهم، لأن ذلك أمرٌ لا مفر منه. ما أراد معرفته هو من يملك المعرفة والشجاعة لإثارة المشاكل له.

استدعى بورياس شظية إلورا وحقنها بجوهره، مما رفعها إلى ما هو أبعد من قيمتها الأساسية وكسرها، وهمس بأمره، حول نظره إلى ألف مسألة حساسة للوقت بينما كلف روح الغلاف رقم 111،100،611 بالإشراف على العملية المتبقية.

على جاركار إهتز كل شيئ، ثم توقف فجأة، حتى الزمن تجمد، ومن اليد الضخمة المحاطة بالبرق ترددت كلمة بورياس، ثم بدا أن الزمن ينعكس على نفسه.

لم يكن كذلك، بل كان الكوكب هو الذي يشفى.

كان ترميمًا واسع النطاق وشاملًا في تعقيده، لدرجة أن ساميا واحدًا فقط هو من يستطيع إدارته. أدرك فورًا أنه بدون إيروهيم، لن يعود جاركار قادرًا على تحقيق غرضه، فبدأ بتحويله إلى شيء مختلف لأحد مشاريعه العديدة المتميزة.

كل الدمار الذي لا نهاية له والذي لحق بالكوكب وأقماره كان يعود إلى حالته الأصلية قبل أن يتغير إلى الشكل الجديد الذي تمنى، وبدأت قطع الصخور القمرية الضخمة المتساقطة في الارتفاع حتى أصبحت الأقمار الثلاثة كاملة، ثم مع صوت طقطقة عالية اندمجت الأقمار معًا وخلق قمرًا ضخمًا كان أكبر من الأقمار الثلاثة مجتمعة.

تحرك القمر الجديد إلى الخلف ثلاثة ملايين كيلومتر أخرى، لكن حجمه الجديد كان كافيا لحجب ثلث السماء.

*****

سمع روان ما اعتقد أنه موسيقى، مثل أوركسترا طويلة طارت عبر الريح، وجاركار لأول مرة منذ عشرين ألف عام، ازدهر باللون الأخضر حيث نشأت منه غابات ضخمة وأنهار وبحيرات وجبال.

وبدأت طيور السماء، وأسماك البحر، والآلاف من الحيوانات التي كانت تجوب الأرض في الظهور، وفي غمضة عين، أصبح الكوكب مليئًا بجميع أنواع الكائنات الحية.

ثم سمع صراخ طفل حديث الولادة، حيث وُلِد وعي الكوكب من جديد، وعندما انتهى كل هذا، طار أنيما بورياس في الهواء وذراعيه مطويتان على صدره.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]