السجل البدائي - الفصل 171

الفصل 171: قصر الجليد (5)

قبل أن يسمح لليأس أن يغمر قلبه، أرسل عاصفة من الرياح إلى الحطام المتساقط من الجبل، ورأى أن برج التتابع كان منحنيًا إلى نصفين يتتبع الشرر، لكن الضوء الأحمر الوامض في الأعلى يعني أنه لا يزال يعمل.

لم يعد يتوقع أن يتمكن من الهروب بحياته، ولم يكن غبيًا لدرجة عدم رؤية الصلة بين روان كورانيس وهذه المخلوقات، ومع ذلك فإن طريقته الهادئة والسهلة في العودة إلى القافلة خدعته، وسوف يكون ملعونًا إذا مات وأعطاه شهرًا آخر من الحرية.

لقد أحرقته فكرة أنه تم التلاعب به كأحمق، ومعرفة أنه سيموت زادت الأمر سوءًا، والتفكير في أن رأسه كان ممتلئًا بأفكار مجده قبل ثلاثين دقيقة.

يا له من غباء، لشخصٍ مطارد من سامين الأرض، يُظن أنه سيتحرك بحذرٍ أكبر. لم يُدمر روان القافلة، مع أنه لم يكن يعلم السبب، لكن هذا يعني أنه لو بقي حتى وصلوا إلى برج تتابع يعمل، لكان بإمكانه بسهولة إرسال رسالةٍ حول اكتشافاته.

لكن الجشع دفعه إلى الإسراع نحو المدينة تحت الأرض. شعر بغضبٍ يتصاعد في صدره، يحرقه كالنار، لن يدع هذا الرجل ينتصر! كان برج التتابع لا يزال يعمل؛ ما عليه إلا أن يقترب بضعة أقدام، ليتمكن من إرسال رسالة.

لقد كان قريبا جدا!

شوكة أخرى طارت بسرعة أكبر مما ينبغي، مما أدى إلى تدمير ما تبقى من برج التتابع، وتسبب في غضبه المتزايد.

اتسعت عيناه عندما استدار ليرى أن الثعابين لم تنجوا من انفجار التجسد، لكنه استطاع أن يرى رأس أحد الثعابين، ومن الأشواك التي وجدت على أجسادهم، كان هناك اثنان مفقودان.

إذن، كان لديهم القدرة على إطلاق تلك الأشواك اللعينة!

الآن أدرك أن الأمر ليس خيالًا. تلك الوحوش اللعينة كانت تضحك.

لقد سكت غضبه ويأسه عندما هبطت عليه مجموعة من تلك الأسمان مثل المطر.

وبعد لحظة وجيزة، لم يتبق سوى صراخه.

****

سقط آخر وحش ذهبي من حالة التجسد، وتحول زئير ثعابين أوروبوروس إلى هدير الغزو، وقليل من عدم الرضا، حيث كان ظهورهم لأول مرة بعد أن تم تقييدهم غير كافٍ، ولم يكن موت الملايين من الفرائس كافياً لإشباع انزعاجهم.

لقد أدرك روان للتو أن هذه المخلوقات يمكن أن تحمل ضغينة، على الرغم من أنها يمكن أن تتأثر أيضًا بمشاعره، إلا أنها كانت لديها أيضًا استياءها الشخصي.

وكان من أبرزهم من كانوا يكنون لهم الإستياء السامية الغامضة وجماعة العين المكسورة.

لقد وعدهم روان بالمزيد، لكن اهتمامه الكامل لم يكن عليهم، بل كان على سلالته الجديدة ومظهرها كشخصية أنثوية غامضة.

أثناء ترقية هذا السلالة، حدثت أشياء مذهلة كثيرة، وكان على روان أن يستوعب ببطء جميع المعلومات والأحداث التي حدثت للتو.

هذه السلالة الجديدة أنتجَتْ كميةً هائلةً من البرد، حتى أنه لم يكن مُستهدفًا. كان يظنُّ أنه مُحصَّنٌ بالفعل ضد معظم درجات الحرارة، لكن هذه المرة كانت مختلفة.

وكانت الظاهرة التي أحدثتها غريبة أيضًا.

خلق البرد من سلالة الدم جليدًا أسود وأرجوانيًا، وخلال الترقيات، نما هذا الجليد، وتحول إلى قصر مصنوع من الجليد الأسود والأرجواني، وفي داخله، تم إنشاء عرش من الجليد.

لم يكن القصر كبيرا، وكان تقريبا بحجم قصره في النيكسوس، وكان به غرفة واحدة فقط، وهي غرفة العرش.

كان من الصعب وصف هذه القلعة المصنوعة من الجليد الأسود والأرجواني لأنها تبدو وكأنها تحتوي على حقل يحجب التحقيق المكثف، كما لو كان معظمها مفقودًا، وكان هذا جزءًا صغيرًا فقط من كيانها بالكامل.

لكن روان استطاع أن يرى لمحات من أبراج طويلة ضيقة تخترق السماء، وجدران سوداء تبدو وكأنها تمتص الضوء.

شعر روان بأصابع تلك الأنثى تضغط على يديه بقوة، فاستعان بإرادته القوية ليعيدها إلى جسده. لكن قبل أن تتلاشى، شعر روان بلمسة على ظهره.

هز رأسه ونظر إلى فضائه العقلي، كان يحتاج إلى إجابات، وكان يحتاج إليها بسرعة.

وبينما كان يقسم وعيه ويدخل كنز الأصل، بدأ في الوصول إلى قصر الجليد حوله، وتعرف عليه من حلمه الأول الذي رآه في هذا العالم.

رأى رجلاً جالسًا على عرش من جليد. شعر روان بقلبه الفارغ يرتجف، فجأةً شعر أنه لا يعرف شيئًا، ولا يفهم شيئًا… من يظن نفسه؟

كان الحلم لا يزال واضحًا في ذهنه، إلا وجه الرجل الجالس على العرش. مهما حاول، لم يستطع استحضار أي تفاصيل من وجه الرجل.

متجاهلاً حقيقة أنه كان عارياً، سار في الممر الضخم لهذا القصر الجليدي وخطا خارجًا، وفوقه كانت ثعابين أوروبوروس ترقص في السماء، وقشورها تلمع تحت ضوء القمر.

كانت هناك تحته أجنحة ضخمة، المئات منها.

إنهم يأتون من ملايين الطيور التي ماتت في هذه السهول. قوة من صعود سلالته دمجت ملايين الجثث التي ماتت هنا.

ومن تلك الأجساد أنشئ النورانيين، أنشئت اجنحة و أجساد النورانيين من جثث الطيور والوحوش

لقد جمعتهم القوة مع الجليد الأسود والأرجواني، وكان النورانيين جميعهم بلا وجوه باستثناء ابتساماتهم.

لقد ظهروا أيضًا بشكل خشن، تقريبًا مثل المخلوقات البشعة، بدت أجسادهم وكأنها كتل من اللحم تم ضغطها إلى أقصى حدودها ووضعها معًا بواسطة عقل مختل.

بدت أوضاع النورانيين غير طبيعية، ورغم أنهم جميعًا وقفوا ساكنين، إلا أنه كان الأمر كما لو كانوا جميعًا يراقبونه، إلى جانب ابتساماتهم التي أظهرت العديد من الأسنان الطويلة والسوداء، كانوا مرعبين.

لم يرمش روان.

تذكر المرة الأولى التي قام فيها بتفعيل مستولي الأرواح، كان قد قال بعض الكلمات من تلك الأحلام، وكان الأمر كما لو أنه لم يكن من الممكن تفعيل هذه القدرة بالكامل بدون تلك الكلمات.

مرة أخرى، سيطر عليه هذا الدافع، ووجد نفسه ينطق بالكلمات التي صدرت أولًا من الرجل الجالس على العرش. خرجت الكلمات كالهمس من شفتيه، بدت الكلمات باردة جدًا، كأن الهواء أمامه يتجمد.

تحدث صوت آخر إلى جانبه، وكان صوت امرأة. باردًا وقاسيًا كنظرة ثعبان، شعر بجسده يتجمد، بينما بدأ الجليد الأسود ينتشر من فمه إلى صدره وفوق رأسه.

“أزل النور من عيني، حتى تتمكن من الرؤية!”

لقد تلاشت عشرات الآلاف من العيون الصغيرة على طول عموده الفقري، وفجأة عادت وبدأت في تقشير نفسها بعيدًا عن ظهره، قبل أن تشق طريقها في الهواء وتختفي.

في السماء، بدأت العيون بلا جفون تغطي الأفق بأكمله، آلاف العيون، ثم الملايين، ثم المليارات، حتى لم يبق في السماء سوى العيون.

بدت العيون مغطاة بطبقة من الزجاج، كما لو كانوا جميعًا نائمين، ولكن في بعض الأحيان كان ضوء أرجواني ينبعث منها، وفي كل مرة يومض هذا الضوء، فإن قطعة من الواقع تختفي ببساطة.

لم يتوقف الجليد الأسود عن الانتشار في جميع أنحاء جسده، وقبل أن يضيع في الظلام، رأى الأجنحة الضخمة النورانيين أدناه بدأت تتحرك.

من خلال الثقوب المتعددة الممزقة في الواقع، اعتقد روان أنه يستطيع رؤية نهر مليء بأرواح لا تعد ولا تحصى، وولد شوق عميق داخل قلبه للسيطرة على هذا النهر.

غرق عقله في ظلامٍ غريبٍ وبارد. لم يُمنح نومه عزاء النسيان. كان مُدركًا لكل لحظةٍ في الظلام، وكان مليئًا بـ… العدم، و… هي!

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]

——

الي مش فاهم مقصد روان فيروح يقرأ الفصل 5 مرة ثانية