السجل البدائي - الفصل 155

للفصل 155: كسر اللعنة (النهاية)

ربما لم يكن يفهم ما كان يفعله حقًا، لكن جسده كان يحاول تقليد البشرية، لكنه لم يعد إنسانًا. ربما لو كان إمبراطوريًا حقيقيًا وُلد من الكون، لكان قد حصل على كل التوجيه اللازم الذي يليق أحد أسلافه الموقرين.

حتى قدرة السجل البدائي على تكرار أي سلالة لم تكن مثالية. كان بإمكانه أن يمنحه نسخةً مثاليةً من سلالة، لكن بعض الميراث الذي قد يعزز هذه السلالة لم يكن متضمنًا.

ومع ذلك، كانت الإرادة التي لا هوادة فيها لسلالته حاضرة، وقد تعززت أكثر من خلال التطور اللامتناهي لسلالته.

كان الدم السماوي بالفعل أكثر نبلًا من أي شيء موجود في الكون، لقد كان قمة الوجود، فما بالك بسلالته الحالية التي أتيحت لها الفرص للتطور إلى ما هو أبعد مما يمكن لأي كون أن يتعامل معه بشكل مناسب.

كانت قوة سلالة دمه لا مثيل لها، وعلى الرغم من أنها كانت لا تزال صغيرة وغير متطورة بالكامل، إلا أنها كانت لا تزال قوية بشكل مخيف، ولم يكن روان قادرًا إلا على إبقاء غرائز معينة من سلالة دمه تحت السيطرة بسبب بعض صفات روحه.

لكن روان كان عملاقًا تقلص حجمه ليتناسب مع الصورة الصغيرة للرجل، وليس بسبب أي خطأ واعي منه، بل لأنه كان الشيء الوحيد الذي يعرف كيف يكون.

لم يرشده أحد إلى أي طريق آخر، لقد تم دفعه إلى هذه الحياة، وكان يستفيد منها على أفضل وجه.

كان يتحدث كرجل، ويأكل كرجل، ويقاتل كرجل… كان يتجاهل ما يجعله مختلفًا حقًا. كان يكبت غريزته.

لتفريق هذه اللعنة التي جعلته يشعر بهذا الضعف المكروه، أطلق أخيرًا المقود على سلالته لأنه كرجل، كان من الطبيعي دائمًا التراجع.

لم يكن لدى أي إنسان حيوية لا حدود لها، أو قدرة على التجدد من كل جرح. لن يبذل أحد أقصى جهده في كل مهمة، إذ لم يكن هناك سبيل لتحمل الجسم لمثل هذه الضغوط بأمان.

لم يكن لدى روان الوقت الكافي للتكيف مع هذا الواقع الجديد، لكنه كان سريع التعلم، وربما بعد عقد أو قرون من الآن سوف يتعلم هذه الحقيقة حول سلالته.

لم يكن الأمر مسألة “هل” بل “متى”. كان ينبغي أن تكون هذه هي الطريقة الأنسب لتطوره، إذ كان سيستخدم شفرة الزمن ليمحو آثار الإنسانية المتبقية في روحه.

لكن الحياة لا تسير وفق أفضل المسارات المرسومة.

محاولته لحرق اللعنة من جسده، جعلت سلالته الإمبراطورية المكبوتة تتمرد.

ازداد توهج جسده، وبدا روان وكأنه قد تحول إلى كائن من ذهب خالص. خطرت له فكرة، فأدرك أن هذا الشكل الذي هو عليه حاليًا هو حالته الطبيعية – ليس كرجل وسيم أشقر الشعر – بقايا المخلوق الميت، روان كورانيس، بل كائن من نور ومجد لا حدود له، لكن هذه الفكرة سرعان ما تلاشت تحت وطأة الزئير المتزايد من سلالته.

كان لديه حيوية لا نهائية، وترقية سلالة دمه جعلت حيويته التي لا تنتهي أكثر قوة، حيث أن كل مستوى صعد إليه عمق قوة سلالة دمه.

كان روان قد تكهن سابقًا بنتائج حرق سلالته بأكملها ولم يحاول أبدًا القيام بذلك، بسبب السيطرة، وإلا فإنه سيكون ما هو عليه الآن؛ كائن من نور صلب، لا يمكن المساس به، حتى أنه يتجاوز السامي.

حدسه أخبره أنه لو حافظ على هذه الحالة، التي تُحرق حيويته باستمرار، لما تجذرت فيه اللعنة. فهو الوحيد القادر على فعل شيءٍ جنوني كهذا.

ما هو المخلوق الآخر الذي يمكنه أن يتباهى بحيويته اللانهائية؟

أمام نوره، بدأ الجبل يتحول ببطء إلى معدن يشبه الذهب ولكنه كان أصعب بكثير من الماس، واخترق نوره الذهبي الجبل وبدأ ينتشر.

استمرت اللعنة لفترة أطول مما كان يعتقد، ولكن أمام القوة الكاملة لدمه الإمبراطوري، انكسرت وهربت، وانتزعت نفسها من جسده مع صرخة مريرة.

كانت عبار عن شيئ من الظلال، وجنونًا لا ينتهي، ارتفعا إلى السماء، وأظلمت هالتها السماء، جاعلة النهار يتحول ببطء إلى ليل. لقد استفادت اللعنة أيضًا وهي داخل جسد روان، وكانت على وشك أن تكشف عن قوتها.

بدأت الرياح تهب، وبدأ البرق الأحمر يبرز من جسد اللعنة. بدأ الظلام يتصاعد ببطء من الأرض، من أعماق هذا العالم.

دوّت صرخةٌ بلا شكل من اللعنة الصاعدة، فارتفعت فوق السحاب، طاقة اللعنة في تصاعدٍ مستمر. كادت أن تُجسّد نفسها بكل مجدها الشرير.

تحولت اللعنة إلى شكل رجل قبل أن تتحول إلى وحش، وسرعان ما أصبح شكلها أكثر فوضوية حيث انبعث منها ضحك مقزز، واستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تستقر في مخلوق من الظلام يبلغ طوله مائة قدم، وله تسعة أذرع برأسين.

“أنا حية!” صرخت اللعنة، بينما انطلق البرق الأحمر من شكلها القابل للتشكيل، وامتدت ابتسامتها على نطاق واسع حتى غطت نصف وجهه.

بدأت تسحب طاقةً غريبةً لم يرها روان من قبل، وارتفعت مستويات قوتها بشكلٍ هائل. تجاوزت الطاقة داخل اللعنة الدائرة العظمى الأولى واستمرت في النمو بشكلٍ أعمق، حتى مع استمرار نمو شكلها، حتى بلغ ارتفاعها حوالي 500 قدم (152.4 مترًا).

وحش من الظلام والجنون.

ثم تغير شيء ما.

أصبح العالم صامتًا، وتوقفت الرياح، وتوقف صعود اللعنة عندما نشأ ظلام أعمق خلفها.

ومن ذلك الظلام، انفتحت عين واحدة بيضاء كالقمر، وفي الظلام كانت تشبه القمر تقريبًا، ولكن لم يسبق لأي جسم سماوي أن أصدر مثل هذا البرودة، مثل شيء كان موجودًا قبل أن تصبح الحرارة مفهومًا على الإطلاق.

بدأت كائنات أكثر صلابة من الظلام في الظهور وأحاطت باللعنة، وانفتحت كرات متعددة حولها، من اثنين، ثلاثة، أربعة، إلى ستة كرات، والتي أصدرت برودة عميقة لدرجة أن المكان والزمان بدا وكأنهما يتجمدان.

ظلت اللعنة عالقة في مكانها، ورغم أن جذورها تعود إلى سامي، إلا أنه أمام الرعب ذي الأبعاد الإضافية المحيط بها، ما كان بوسعها سوى قمع نفسها. بدأ الذكاء المتنامي بداخلها يتلاشى عند أطرافها، إذ لم تستطع حقًا استيعاب ما تشهده.

مخلوق ولد من الجنون اكتشف أن الجنون لا يزال أعمق مما يستطيع حتى السامي أن يفهمه.

انطلق صوت قوي وانفجر الجبل في الأسفل وكأنه تمزق بفعل ضربة من قبضة عملاقة، وصعد إلى السماء كائن مصنوع من المعدن السامي والضوء الذهبي، وجاء ليقف أمام اللعنة.

كان هناك خطأ ما في حالة روان، حيث ظهر كان ذهنه في حالة ذهول، وكان الانفجار المفاجئ من سلالته قد قمع قدراته العقلية وكان جسده يعتمد على الغريزة وحدها.

فتح روان عينيه، وانطلق البرق، وابتعد الظلام، وفتحت ثعابين أوروبوروس أفواهها وبدأت في الاستنشاق.

ارتجفت اللعنة، لم تستطع التحرك أو الصراخ، لم تستطع سوى البقاء صامتة بينما بدأ جسدها في التشقق، واستمرت لحظة قصيرة قبل أن تتمزق إلى ستة أجزاء وتلتهم. وكجزء واحد، بدأت كل الثعابين في النمو.

آخر مرة تم الكشف عنها، كانت أحجامها مذهلة، ولكن الآن… لقد تجاوزت ذلك، وتوسعت بسرعة إلى شيء ضخم حقًا.

لا يمكن لأي عقل بشري أن يلقي نظرة خاطفة على ثعابين اوروبوروس الحالية دون أن يصاب بالجنون، حتى المسيطرين الأسطوريين و مهيمني حالة الصدع لن يستمروا إلا لفترة قصيرة قبل أن تنفجر عقولهم إلى هريس.

كان حجم كل منهم أكبر من حجم المركبات في القافلة، التي بلغ طولها 80 قدمًا (24.38 مترًا). في السابق، كان طول ثعابين أوروبوروس 1000 قدم (0.3 كيلومتر)، لكنها سرعان ما تخلت عن هذا الحجم الضئيل، واستمرت في النمو.

1500 قدم (0.46 كيلومتر)…

2000 قدم (0.61 كيلومتر)…

2500 قدم (0.76 كيلومتر)…

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]