السجل البدائي - الفصل 151

الفصل 152: كسر اللعنة

بصوت خافت أجش، أعلنت ديان أن وجبته جاهزة وأخبرها روان أنه سيتناول الطعام معهم في المطبخ.

كانت المركبة شبه مستقلة وكان من الممكن منحها نطاقًا محدودًا من الحرية على طريق مستقيم نسبيًا، وكانت في ذلك الوقت على امتداد مماثل من الطرق مثل ذلك.

يتمنى روان رؤية وسماع من سيرافقونه طوال الشهر تقريبًا. وما من طريقة أفضل لكسر حاجز الصمت من تناول وجبة شهية.

دخل روان المطبخ، فشم رائحة طعام شهي، وبدأ يسيل لعابه. فضول.

كان تريفور مرتبكًا، لكن حواس روان استطاعت أن تستشعره يبتلع ريقه سرًا، ولم يستطع لومه. كانت رائحة المطبخ زكية.

لقد بالغت أولغا وديان في إعداد الطعام، ولم يكن روان يعرف كيف تتجمع كل هذه المكونات الغريبة مثل الفطر والخرشوف والبصل، وما إلى ذلك من الأشياء، مع الخضروات والفواكه الأخرى التي لم يرها من قبل لتشكل مثل هذا الطبق الرائع أمامهم، لكنه سيأخذ ذلك كعلامة على التميز الفني.

“من فضلكم، انضموا إليّ على الطاولة.” كتم أي اعتراض من تريفور وزوجته بنظرة حازمة. بدت ديان متحمسة للغاية.

جلسوا جميعًا على الطاولة وأخرج روان نبيذًا فاكهيًا لطيفًا كان يحتوي حرفيًا على قطع من الفاكهة في قاع القارورة الباردة الكبيرة.

ارتجفت المائدة عندما سحب النبيذ من الهواء الفارغ، لكنهم هدأوا سريعًا لأنهم لم يكونوا غرباء عن أدوات النبلاء. رجّ روان زجاجة النبيذ، متأكدًا من امتزاج الفاكهة جيدًا بالشراب قبل أن يسكب لنفسه كمية وفيرة ويتناول الطعام أمامه.

لاحظ روان وجود تردد طفيف على وجوههم بسبب إحجامهم عن الجلوس على نفس الطاولة مع نبيل قوي، وفهم المشاعر تمامًا.

لم يحاول روان إقناعهم بشكل مبالغ فيه، وإلا فإنه سيبدو متلهفًا للغاية، وهو ما من شأنه أن يؤدي بالتأكيد إلى خلق المزيد من الحواجز بينهم.

لم يكونوا يتحركون كثيرًا، لكن كان هناك شيء ما في رؤية شخص يأكل بهذه الشهوة من شأنه أن يساعد في التخلص من أي تردد يمنع المشاهدين من المشاركة.

كان تريفور أول من كسر الجمود، فجمع كميةً كبيرةً من اللحم والخضراوات. كان عائدًا لإحضار المزيد من اللحم قبل أن تمنعه أولغا وتُقدم له المزيد من الخضراوات.

عندما رأت ديان أن والديها قد بدآ بتناول الطعام، اعتبرت ذلك مؤشرًا على قدرتها على ذلك. ولدهشته، استطاعت الشابة بالفعل أن تُبدع في تناول أشهى المأكولات، وهو ما لم يوحي به جسدها النحيل.

انتظر لفترة قصيرة حتى انجذب الجميع إلى عالم الطعام النيرفانا، وبدأت حمايتهم تتلاشى ببطء بسبب الطعام الرائع والنبيذ، قبل أن يبدأ الحديث، بدأ بإطراء أولغا.

عندما طلبتُ أن أُفاجأ، لم أكن أعرف ما سيُقدّم لي، لكنني سعيدةٌ لأنني طلبتُ. شكرًا لكما، أولغا وديان، على هذه الوجبة الرائعة. هذه أفضل وجبة تناولتها منذ زمن طويل.

ابتسمت أولغا وقالت: “لم تكن هناك مشكلة يا سيدي، فاللحم الذي وفرته قام بمعظم العمل. لم أرَ قط شيئًا غنيًا بالنكهة والملمس. كان شرفًا لي أن أعمل مع قطعة لحم رائعة كهذه، وأن أتناولها أيضًا على مائدتك يا سيدي”.

“هل يمكنك من فضلك أن تمرر لي الصلصة؟” قالت ديان وهي تناول صحنها المليء بالسلطة لروان.

“بالتأكيد.” دفعها روان نحوها، فأومأت برأسها شاكرةً، وواصلت الأكل. بعد ثوانٍ، توقفت، وألقت نظرةً خاطفةً على روان، لكن بعد أن لاحظت أنه يتحدث مع والديها دون أن ينظر إليها، استقرت وواصلت الأكل.

أحضر روان زجاجة أخرى مماثلة من نبيذ الفاكهة وفتحها، وكان الشعور بمضغ الفاكهة التي تم نقعها بالنبيذ مما أدى إلى تغيير قوامها وطعمها أمرًا سماويًا،

بدأ بالحديث القصير، “كيف حصلت أنت وعائلتك على هذه الوظيفة؟ لا بد أن ذلك كان لصفات معينة، إذ أن قلة قليلة فقط يمكن اختيارها لمثل هذا المنصب.”

“حسنًا، ليس الأمر مميزًا كما تظن. كنتُ اختيارًا سهلًا لهذا الدور”. حكّ تريفور رأسه، واختار أن يكون الشخص الذي يرد على روان: “لديّ خبرة في القيادة والتوجيه وتشغيل الآلات الثقيلة على مدى الخمسة والعشرين عامًا الماضية، وقد قدتُ مرتين خلال عاصفتين كبيرتين، وأعترف أن ذلك كان في فترة أقل إرهاقًا. كانت الصعوبة الحقيقية هي جمع عائلتي معي.”

“هل هذا صحيح؟”

“أجل، لكن أولغا طاهية ماهرة جدًا.” أمسك تريفور بيد زوجته، فابتسمت له، “لقد جعلت القرار سهلًا على المديرين.”

“أعتقد أن السبب الذي جعلك ترغب في اصطحاب عائلتك معك، يجب أن يكون مرتبطًا بالترحيب الحار الذي قدمته لي؟”

احمر وجه تريفور، وتحدثت أولغا لوجودً: “سيدي، نعتذر عن هذا الأمر الكامل، وتريفور مستعدٌّ للاعتذار عن كلماته الوقفة. أليس كذلك يا تريفور؟” كانت النظرة التي وجهتها لزوجها لاذعةً، فتلعثم.

“أنا آسف على ما قلته يا سيدي.”

ضحك روان، “لا تندم أبدًا على الإجراءات التي اتخذتها لحماية عائلتك، تريفور.”

لاحظ أنهم جميعًا توقفوا للحظة وجيزة عند ضحكه، ورأى التوتر الكامن في أجسادهم يبدأ بالانحسار. قَدَّر روان هذا النصر الصغير على إبادة جيش من ألف مهيمن.

سرعان ما حوّل روان اهتمام أحاديثهما إلى أمور ممتعة أخرى، ورغم أنه كان يفتقر بشدة إلى الأحاديث القصيرة، إلا أنه ظن أنه نجح في كسر الحواجز بينهما، لكن السبب الرئيسي لتزايد الألفة بينهما يعود إلى شخص غير متوقع – ديان.

سرعان ما انفجرت الضحكات على الطاولة، إذ اتضح أن ديان كانت مرحة وثرثارة. كانت تدرس لتصبح ممثلة في المدينة الكبيرة، وهي مهنة كانت تُموّل بجهد والديها، ووسط كل هذا الزحام، وجد روان قوة شخصية حقيقية في داخلها.

أضفى الضحك والطعام جوًا من البهجة على الغرفة، وكاد المرء أن ينسى الفوضى في الخارج. ولأول مرة منذ استيقاظه في هذا العالم الجديد، شعر روان بالسلام.

“أخبرتُ السيد كلايف أنه لا يجوز التلفظ بمثل هذه الكلمات في المسرح، فقال إن ذلك مسموحٌ به دائمًا. هل تصدقين ذلك؟” أنهت ديان قصتها، وكانت تعابير جسدها بارزةً كصوتها، وعزا روان هذه السمات إلى تدريبها كممثلة.

“انتظري، لكن هذا ليس ما قلتيه لي في المرة السابقة.” قالت أولغا، “لقد أصررت على…”

سعل روان سعالاً خفيفاً، والتفتوا جميعاً نحوه قائلين: “شكراً لكم على الطعام، تريفور، أولغا، ديان. كانت تجربة ممتعة، وآمل أن نكررها من حين لآخر.” نهض ولوّح بيده رافضاً محاولتهم الوقوف أيضاً، “لا، تفضلوا، أكملوا طعامكم. لديّ أمور أخرى عليّ الاهتمام بها.”

غادر روان الطاولة ولكن ليس قبل أن يقدم عشرة قطع مختارة من اللحوم لأولغا وعدد قليل من زجاجات النبيذ لتريفور، ونظرًا لأن ديان تفضل النبيذ الفاكهي، فقد أعطاها زجاجة واحدة أيضًا.

عاد إلى الباب المفتوح وخرج. قضى ثلاثين دقيقة في تلك الوجبة، ولم يندم على أي لحظة منها. فهو لا يدري كم تبقى له قبل أن يفقد متعة هذه الملذات.

تنهد واستدعى السجل البدائي ودفع النقاط الـ 810 المتبقية إلى الداخل وراجع سماته الحالية، والتي كانت أعلى مما كان يعتقد أنها ستكون.

كان جسده يقاوم اللعنة بنشاط، وسيتخلص منها قريبًا. كان لديه ما يقارب نصف قدراته القصوى، وبفضل سيطرته على الأثير، لم يعد في خطر داهم.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]