السجل البدائي - الفصل 143

الفصل 143: إيروهيم (3)

“أريدك أن تفهمي أساس علاقتنا في المستقبل”. توقف روان وأنهى كأسًا آخر، وتنهد وهو يسكب لنفسه كأسًا جديدًا، وقال: “لست هنا لمساعدتك أو لإيذائك. أنا هنا فقط لأقدم لك خدمة، وأنا متأكد أن الآخرين في أمسّ الحاجة إليها في هذه اللحظة. تفسير أفعالي متروك لك تمامًا.”

“اللعنة، أعتقد أن هذا أيضًا ما سيقوله إيروهيم.” تمتمت سيرس.

رمش روان، “لقد ذكرتيني، هذا الاسم الذي أطلقه عليّ أهل المدينة، ماذا يعني؟” قال روان وهو يجلس أخيرًا.

“أعتقد أننا يمكن أن نعتبر هذه المعلومات بمثابة نوع من الدفع للمساعدة التي قدمتها لي في السابق؟” ابتسمت سيرس.

“ليس لها أي قيمة، سيرس، لا شيء يمنعني من سؤال أي شخص عشوائي في الشارع عن هذه الإجابة.”

“حسنًا، لن يخبروك بنفس الطريقة التي كنت سأخبرك بها. صدقني، سماع ذلك من أي شخص آخر غيري سيكون خسارة، فأنا راوية قصص جيدة.”

“لم أسمع أي رواة قصص عظماء يمتدحون أنفسهم مثلك، لذا سأغتنم فرصتي.”

“لقد قلت أنني راوي قصص جيد وليس عظيمًا، انتبه لهذا.”

“إذن ابدأ بالحديث، الوقت ليس في صالحنا، وأنا أرفض قبول هذا كدفعة.” ركز روان عليها وصمت.

انحنت سيرس إلى الأمام، وضغط جسدها على ثوبها المزركش، الذي أبرز شكلها الجميل، “بصدق، عيناك مذهلتان”.

ربما لأنها شعرت بعدم الصبر المتزايد في روان، بدأت تتحدث، “لا تستطيع التعامل مع المجاملة؟ .. تم تسجيل ذلك على النحو الواجب.”

“حالتك ليست غريبة. غالبًا ما تحدث مع المهيمنين الأقوياء جدًا الذين تعرضوا لصدمة خطيرة. على الأرجح أنك سقطتَ على حافة الموت، أو ربما سقطتَ أبعد من ذلك، لكن القوة التي في دمك أعادتك. في أغلب الأحيان لا تعيدك إلى حالتك الطبيعية… أعرف شخصًا مثلك. كان صديقًا عزيزًا.٫

“إنها نظرية مثيرة للاهتمام، وأظن أنها أقرب إلى الحقيقة.” جلس روان إلى الخلف، وعلى وجهه نظرة تفكير.

“هذا على الأرجح هو الحقيقة لأنني لا أستطيع قراءة عمق قوتك، وأنا في ذروة حالة التجسد، فقط خطوة واحدة نحو الدائرة العظمى الثانية ولا أستطيع حتى أن أشعر بالهالة الطبيعية الناتجة عن جسدك، إنه أمر مدهش، حيث أنني من بين الأكثر إدراكًا في جيلي.”

بطريقة ما، شعر روان أنها تُقلّل من شأن نفسها عندما قالت إنها من بين أكثر جيلها إدراكًا، لا بد أنها الأفضل. ولاكنه إنتبه لمصطلح محدد: “هالة طبيعية؟”

“أوه… افراد عائلة بورياس هم منادي العواصف، نحن حساسون للقوى التي تتضمن الحرارة والبرودة والبرق، وكل كائن حي له توقيعه البيولوجي الفريد المرتبط بهذه القوى.”

“أستطيع بسهولة اكتشاف البصمة الحيوية لكل من حولي، باستثناء الموتى أو الأقوى مني بكثير. لا يبدو أنك ميت اكثر مني، لذا… من الأفضل اختيار الأخير.”

“هل أنت في الدائرة الثانية أم الثالثة؟ أعتقد الثانية. حسنًا، دعيني أعود للإجابة على سؤالكِ الأول عن إيروهيم.” أخذت سيرس نفسًا عميقًا قبل أن تبدأ حديثها.

“قيل لي إنك نزلت من جبل، والشمس بين يديك. أترى، اسم ذلك الجبل هو إروهيم!”

توقفت قليلاً لإضفاء بعض التأثير، ثم رمش روان وفرك جبهته، “إذا كان هذا كل ما في القصة، فأنا معجب بك، فأنت حقًا راوية قصص جيدة”.

“ششش… أوشكتُ على الوصول إلى الجزء المهم. كما تعلم، قبل أن ينضم هذا العالم إلى نطاق الإمبراطورية العظيمة المجيد على يد جدي بورياس، كان له عاداته، وتاريخه، وأبطاله، وسامينه أيضًا.”

“على عكس العائلات الأخرى، نحن منفتحون إلى حد كبير على أفكار السامين الأجنبية والأشخاص الذين يحافظون على تاريخهم وثقافتهم، لذا فإن معظم أساطير ماضي هذا الكوكب سليمة نسبيًا.”

“نسبيا؟” سأل روان.

ابتسمت سيرس، “إيروهيم هو كائن يجسد الاثنين الأخيرين، بطل وسامي. وفقًا للقصص التي تناقلها سكان هذا الكوكب، وُلد إيروهيم من اتحاد القمر – غانيشا – والشمس – أوروم.”

“قيل إن ولادته كانت صعبة للغاية، وحاولت غانيشا إنجابه لأكثر من ألف عام من المخاض، لكنها لم تستطع. قيل إن حليب ثديها الممتلئ كان ينهمر على العالم كل عشر سنوات، مسببًا العاصفة الكبرى التي جمّدت الكوكب.”

“على أية حال، وكما تقول الأسطورة، شعر إروهيم بالإحباط والغضب تجاه والدته لفشلها في ولادته بعد ألف عام، وأصبح غاضبًا، وكانت نتيجة غضبه هي أن تسبب لأمه غانيشا في آلام كبيرة، وسرعان ما وصلت صرخات الألم الخاصة بها إلى الشمس – أوروم، الذي قرر طلب المساعدة من والدهما الذي عاش في بحر بعيد جدًا.”

“استغرقت الرحلة عشرة آلاف سنة أخرى، ولكن في النهاية، وجد الحل، ولكن كان الأوان قد فات بالفعل…”

التفت روان لينظر إلى الغرب، وبدأ العبوس ينمو على وجهه، واستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتوقف سيرس، فقد كانت منغمسة بعمق في حكايتها وأراد روان أن يبتسم لتجهمها الصغير من الانزعاج حيث أبعدها عن تأملها، كان ذلك قبل أن تنظر أيضًا إلى الغرب، وتمتمت، “ريكو، أيها الوغد المجنون… حتى لو مت، سأقتلك على أي حال”.

“واحدة منكم؟” قال روان، ووقف خلفها.

“أجل… يا إيروهيم. لنكمل القصة بعد عودتي.” فتحت سيرس نوافذها، فبدأت الرياح تدور حولها، وبدأ شعرها الأزرق يتوهج ببطء. ملأت الكهرباء الساكنة الغرفة بأكملها مع انخفاض درجة الحرارة.

وضعت يديها على ظهرها وفتحت سحاب فستانها. سقط، فانكشف أنها كانت ترتدي زيًا تكتيكيًا أنيقًا أزرق فاتحًا يعانق الجسم، وزوجًا من الشاكرامات مربوطة على ظهرها، فتحولت على الفور من امرأة نبيلة فاتنة إلى سامية حرب.

“أستطيع أن أساعدكِ أكثر، سأتبعكِ.” ألقى روان كأسه وسار نحوها، ووقف بجانبها. بهذا القرب منها، شعر بطاقة هائلة تتولد من جسدها، مسببةً ومضات من الكهرباء والصقيع في الهواء.

“إذن عليك أن تستمر!” ضحكت قليلاً وانحنت قليلاً قبل أن تقفز برشاقة مثل القطط، وحملتها الرياح إلى السماء.

حركتها للتو ألهمته، وتراجع روان بضع خطوات إلى الوراء، ولف قدميه بوسادة من التحريك الذهني، وكان على وشك القفز، ثم تذكر أن بعض القوى الأساسية للطبيعة لا تزال تعمل في هذا الكون، فتوقف.

لو قفز بهذه القفزة، فإنه سوف ينطلق إلى الأمام بمئات الأقدام، لكنه سوف يدمر هذا المكتب حتماً، وعندما ينظر إلى أكوام الكتب الموجودة بالداخل، فإنه سوف يكره أن يرى ذلك يحدث.

قفز من النافذة المفتوحة، ومن الطابق الرابع، هبط دون صوت لأنه قتل كل زخمه تقريبًا بقدرته على التحريك الذهني، وركز نظره على البوابات، وبدأ في الجري، استغرق الأمر منه خمس ثوانٍ للوصول إلى البوابات، وقفز فوقها، وسط صرخات الحراس المذهولين تحته.

سمع هدير الرعد الخافت أمامه، ورأى وميض البرق يشق طريقه من السماء ويصطدم بالأرض حيث تجمعت مجموعة من المخلوقات المروعة بالآلاف.

لقد كانوا جرذانا!

جرذان عملاقة بحجم الكلاب والفيلة، جلبت الرياح رائحتها إلى أنفه، وكانت كريهة، مثل البيض الفاسد.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]

———

تذكروا قصة إيروهيم جيدا