السجل البدائي - الفصل 139

الفصل 139: المدينة (5)

لعب روان مع بلورات ضوء الجسد الثلاثة، قبل وضعها داخل سوار المكاني، كان قد جمعها قبل أن يغادر، وعلى الرغم من أنها كانت أصغر من الأولى التي استخدمها، إلا أنها كانت أقوى تمامًا.

لم يتواصل كثيرًا مع سكان هذا العالم قبل مغادرته هذا الكوكب. لم تكن مشكلة كنز الأصل في فضائه العقلي أمرًا جيدًا بالضرورة بالنسبة له. ستُركز أنظار كثيرة على هذا الكوكب، وفي الوقت الحالي، سيكون مكانًا عدائيًا للتطور.

كانت هذه القضية الجديدة بمثابة تعقيد جديد في خيوط حياته المتشابكة بالفعل والتي يرغب في التخلص منها.

كان هدفه العثور على الحسد والاستيلاء على بوابة النقل الآني التالية من هذا الكوكب. لم يكن يُقدّر العهد أو أيًا من هداياه أو وعوده كثيرًا، وكان من المحتم أن يتجاوز ذلك المستوى أسرع مما يظنه الكثيرون.

كان سيبذل جهدًا ضئيلًا لاستعادة سلاحه، وإن لم يستطع، فسيغادر الكوكب في أقرب وقت ممكن. كان هدفه مغادرة منطقة نفوذ السامين بأكملها، والتخلص من جميع الحروب التي يخوضونها.

على الرغم من أنه شعر أن هناك شيئًا خاطئًا في سلسلة أفكاره، إذا كان عليه أن يجعل بقائه على قيد الحياة هو الشيء الأكثر أهمية بالنسبة له، فإنه كان يتخذ الاختيار الصحيح.

الآن بعد أن انتهت المعركة، قرر روان ارتداء المعدات التكتيكية الكاملة بما في ذلك القميص والسترة والأحذية والسراويل، وكانت ذات جودة عالية، ولكنها جاءت باللون الأسود فقط.

لم يرتدِ روان قميصًا أو سترة قبل القتال لأنه لاحظ نقص بعض القطع لتكوين طقم كامل. تنهد حينها، فحتى الجنرال أوغسطس ارتكب أخطاءً في ترتيب ملابسه.

متجهًا غربًا، بدأ روان بالركض. بدأ هرولة خفيفة قطعت المسافة بسرعة وهو يستمتع بإحساس التحرر برؤية الأرض تتلاشى تحت قدميه، ثم بدأ يكتسب المزيد من القوة تدريجيًا، وبدأ يركض أسرع.

لقد ترك المدينة بعيدًا، وبينما كان يركض، لاحظ أثر الذئاب، فانحرف قليلاً عن مسار أصلهم، في حين أن فضوله أراده أن يتبعهم، لم تكن لديه رغبة في معرفة من أين نشأوا.

كلما ابتعد عن المدينة، زاد الاضطراب في عقله، وأخيرًا توقف وقرر التفكير في الإجراءات التي كان على وشك القيام بها.

ألا ينبغي له على الأقل أن يتفقد المدينة ويجمع معلومات قيّمة عما يجري؟ يمكنه إعادة تخزين مؤنه وتخطيط تحركاته بفعالية. احصل على خريطة للعالم ومواقع أهم المناطق المثيرة للقلق.

كان لا يزال لديه مساحات واسعة في سواره المكاني، وكان بإمكانه ملئها بالمؤن. ألقيَت على جانبها بلا مبالاة أكثر من اثني عشر صندوقًا مليئًا بعملات ذهبية ثقيلة، لم يعتبرها المهيمنون الأقوياء سوى عبئًا ثقيلًا، نظرًا لوسائلهم الأخرى للتداول، لكنها انتشرت على نطاق واسع في جميع أنحاء الإمبراطورية كوسيلة تبادل قانونية.

لكن روان اعتقد أن المدينة صغيرة جدًا، ومن المرجح أنها لن تحتوي على أي معلومات مهمة عن العالم، لأن عالم القوة الحقيقي غالبًا ما يكون مجهولًا لمعظم الناس، كما أن معظم بضائعهم ستكون رديئة الجودة ولن تلبي أيًا من احتياجاته. من خلال مسحه السريع للمدينة، كانت صغيرة نسبيًا.

ومع ذلك، لا يزال بإمكانه جمع معلومات كافية حول مكان تواجده لتجنب الطيران بشكل أعمى، وقد تكون الخريطة الجيدة ذات قيمة مثل الطرف الإضافي.

‘واجه الأمر. تُفضّل ألا ترى وجوههم. كل من على هذا الكوكب بالنسبة لك الآن مجرد إحصائيات. يمكنك تجاهلهم لأنهم لا يُعنونك حقًا. لديك أهداف أكبر لتقتنصها، وأعداء أشدّ لتواجههم، وسيوفهم قريبة منك.’

‘أعني، هذا ما ستقوله لنفسك. لكنك تعلم أنه إذا دخلت ذلك المكان، إذا خطوت في تلك المدينة، فسترفض معرفة اسمها، وستعود إليك ذكرى من تركوهم في النيكسوس. سيطاردك هذا.’

‘كم من المساعدة أستطيع تقديمها لهم؟ إنها ليست مهمتي!’

‘ولكن بأفعالك جلبت آفة إلى هذا العالم.’

هز روان رأسه واستمر في التوجه غربًا، وعلى مدى الساعات الخمس التالية كان يركض بينما يدفع كل فكرة بعيدًا عن رأسه.

بفضل سرعته، قطع مسافة تزيد عن 1200 كيلومتر، وعبر جبالاً صغيرة وغابات، كما ابتعد أكثر فأكثر عن كل ما يشغله.

وبعد أن عبر علامة الألف كيلومتر، بدأ يشعر بهدير عميق تحت قدميه واضطراب كبير في الرياح.

أظهرت له أنظاره كتلًا كبيرة من الغبار كانت تغطي الأفق بأكمله على أقصى يساره، مما أدى إلى تحويل اليوم إلى ظلام، فتوقف وأرسل بصره المكاني إلى الأمام للتحقيق.

كان بإمكان روان أن يفهم رؤية جيش قوامه عشرة آلاف جندي، بل وحتى من الممكن أن يتخيل جيشًا قوامه مائة ألف جندي، فقد كان كل ذلك يقع ضمن حدود معينة من المنطق.

ولكن ماذا عن جيش من الملايين؟

لقد تيبس روان بينما استمرت نظراته في التقدم أكثر فأكثر، ولكن المخلوقات لم تتوقف، فقد غطت الأرض بالكامل وكل شيء حي في طريقها تم استهلاكه، حتى الحشرات الصغيرة.

كان ذلك الذئب الذهبي وأتباعه مجرد فرع صغير من التجمع الهائل للوحوش.

ظلت بصره يسافر لآلاف الأمتار وهو يغذيها بالأثير ولم يتمكن حتى من رؤية نقطة نهاية هذا الحشد.

في حالته الحالية، لا سبيل له للنجاة إذا قرر تحدي شيء كهذا. بفحص سجله البدائي، كان يمتلك ألف نقطة روح. لن يطول الأمر، وسيتمكن من تحرير نفسه من هذه اللعنة.

قام روان باستخدام بصره المكاني للنظر عبر حشود المخلوقات ورأى عدة طفرات طاقة مثيرة للقلق داخل الحشد، توقف عن العد عندما تجاوز المائة، وكان معظمهم على مستوى الذئب الذهبي، وكان الباقي أقوى.

كان هناك كل أنواع المخلوقات مجتمعة هنا، من تلك التي تزحف مثل الثعابين، التماسيح، اليرقات إلى العديد من المخلوقات الغريبة المظهر، وأيضا الوحوش على أربعة أطراف تحمل حوافر أو مخالب، وعندما حول بصره المكاني إلى السماء المظلمة، رأى إنها كانت مليئة بالحيوانات التي تطير.

كانت الجثث الميتة للوحوش الطائرة غير المحظوظة التي ماتت إما بسبب حادث أو إرهاق، تتساقط مثل المطر، وسرعان ما يأكلها البقية للتجديد، وكان نفس الشيء يحدث على الأرض، حيث كان الضعفاء والمتعبون يُقتلون بلا رحمة.

‘ما هذا الجنون الذي يحدث هنا؟’

كانت هناك بين هذا الحشد الضخم أشكال ذهبية عملاقة من أنواع مختلفة كان روان قد رآها سابقًا باستخدام بصره المكاني.

لقد كانوا آثار اللعنة التي خرجت من جسده.

هكذا سيموت هذا العالم. ليس بحادثة كارثية مجهولة كنيزك أو سامي مجنون، بل بمخالب وأنياب لا تُحصى.

كان ما أصاب بمثابة لعنة حقيقية، فبينما كان روان ينظر عبر الحشد، كان يعلم أن معظم هذه المخلوقات لن تدوم أكثر من شهر، فقد أُجبروا على الابتعاد عن موطنهم الطبيعي وأُجبروا على الشروع في رحلة من شأنها أن تدمر أجسادهم.

كان الضغط على أجسادهم أكثر مما يمكن لأي شيء أن يتحمله، ولم يكن هناك أي أطفال رضع تقريبًا داخل هذا الحشد، على الأرجح أنهم ماتوا بالفعل وتم الالتهامهم.

لن يدوموا، ولكن بحلول ذلك الوقت سيكون الضرر قد وقع بالفعل، وستُذبح أغلب الكائنات الحية على هذا الكوكب. لم يكن هناك أي مبرر أو منطق لهذا الجنون، سوى الفوضى ونهاية كل حياة.

إن المكر الذي رآه في عيني ذلك الذئب لم يكن من أجل الحفاظ على حياته، بل من أجل جلب الموت.

الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]