السجل البدائي - الفصل 134

الفصل 134: أرخميدس (النهاية)

“ياي… إذًا عليّ الذهاب يا سيدي، الرحلة ستستغرق عامًا، لكنني سأسرع قدر استطاعتي”. حرّكت أرخميدس مخالبها احتفالًا، ثم استدارت وكشرت عن أنيابها لبقية العهد، “احذر من التعامل معهم يا سيدي، فقد رفضوا أن ينضموا إليك في ذلك اليوم، وركضوا جميعًا وذيولهم بين أرجلهم وأنت وحدك تواجه جبروت سامين تريون.”

“لا أعتقد أن إرسالنا جميعًا إلى موتنا في سلسلة لا نهاية لها من الموت بلا تفكير يجب أن يكون الطريقة التي ننتقم بها لسيدك أرخميدس.” قال أولريماز وهو يدلك حاجبيه.

“يجب أن يكون هذا شرفكظ.” شمت كيرين البرق ونظرت بعيدًا بازدراء، وضحك أولريماز بسخرية.

بعد قول وداعًا آخر من القلب لروان، تحولت أرخميدس إلى صواعق ضخمة وإنطلقت بعيدًا في الفضاء، وكانت وجهتها جاركار.

“لطالما تساءلتُ…” قالت فيونا شادوسول، “كيف لشيطان دمار مثلك يا أوهروكس أن يحظى بولاء كيرين البرق. لم ينجح أحدٌ في جماعتي في فعل ذلك.”

“ولن يفعلوا ذلك أبدًا”. سخر كوهرون، “واجهي الحقائق يا غراب، مهما حاولت تجميل قواك. أنت تاجرة موت، ومصيرك عند القبر مع المفقودين والمغادرين، وكيرين البرق مخلوق من نور وشجاعة وقوة وسفك دماء. لن تحصلي عليه أبدًا.”

“في كل مرة تتحدث فيها، أتذكر أنه في الهاوية، حتى برغوث بحجم دماغ رأس إبرة يمكن أن يصبح ساميا.” ردت فيونا شادوسول.

“ومع ذلك، فأنتِ تحسدينه على إنجاز يحققه الكثير منا بسهولة، بينما يذبل كل أعضاء جماعتك في الغيرة.” ابتسم كوهرون، “أتساءل ماذا يجعلكِ هذا؟”

نقر أرلوشان على الطاولة، “لنعد إلى سبب اجتماعنا هنا. مسألة البعث المجيد لأحدنا، وعودته تدريجيًا إلى عرشه. بالإضافة إلى شظايا إلورا التي ستُمنح له، يجب علينا أيضًا تخصيص عوالم وجيوش وموارد…”

اكتشف روان أن كل شيء حوله يتحول ببطء إلى اللون الرمادي، مثل التلفزيون أحادي اللون في حياته السابقة.

التفت إليه أرلوشان وكل من كان على الطاولة، ولاحظ روان أن عيونهم كانت تتوهج بطريقة غريبة، وللحظة وجيزة، أدرك أن ما كان يراه كان مجرد صدفة تستخدمها هذه المخلوقات، وقد كشفت أسماؤهم عن جزء صغير من طبيعتهم، ولكن مهما كانوا.

لقد كانوا ضخاما وقديماء ومرعبين للغاية.

“بالطبع، لا بد أن تفعيل كنز الأصل الخاص بك كان شاقًا عليك لفترة طويلة. طالما لم تُعِد إشعال شرارتك الجهنمية. ارقد بسلام يا أوروكس، أمير الدمار، وسندير تفاصيل أمرك على أكمل وجه.”

أغمض روان عينيه وشعر بوعيه ينتقل عبر الكون إلى جسده، ثم انفتحت عيناه فجأة.

أمضى الدقيقتين التاليتين وهو يمسك رأسه بينما كان الألم الشديد الناجم عن الروح الطويلة المفرطة يكاد يمزق عقله.

عندما استعاد وعيه، كان روان صامتًا. كل ما لحق به من أضرار نتيجة الإفراط في سحب روحه قد شُفي، وكان عقله في كامل وعيه.

ربط سواره المكاني على معصمه الأيمن واستخدم روحه لجمع قطع من المعدات التكتيكية، لكنه لم يأخذ معه سوى ملابس داخلية مناسبة وبنطالًا مدرعًا يبدو كالحرير. كان أسود اللون، وله جيبان جانبيان. أما الحذاء فكان أسودًا ثقيلًا، ووقع روان في غرامه فورًا.

لم يكن روان يتعرق، ولم تكن له رائحة جسم ملحوظة، لذا ارتدى الملابس الداخلية والبنطال دون أي انزعاج، تاركًا الجزء العلوي من جسده عاريًا. انزلقت قدماه داخل الحذاء، وكاد أن يئن من شدة اللذة. لطالما كان احتضان قدميك داخل حضن دافئ أمرًا مريحًا.

استعاد نبيذًا وقطعة كبيرة من اللحم المتبل. كسر كومة صغيرة من الخشب من الصناديق المستخدمة لتخزين أشياء أخرى، وأشعل نارًا بسهولة. كان الخشب جافًا واشتعل بسرعة، وأطلق دخانًا عطريًا يشبه خشب التفاح.

استخدم روان قدرته على التحريك الذهني لتدوير اللحوم ببطء فوق اللهب المكشوف، وسرعان ما بدأت النيران في الاشتعال، وبدأت الدهون في الذوبان.

لقد أبقى عقله فارغًا واختار أن يسمح لعقله الباطن بالتفكير في الأحداث التي وقعت للتو، وكانت عيناه تبدو زجاجية.

ظلت الخمور مبردة، حيث يبدو أن سواره يحافظ على العناصر في نفس الحالة التي تم وضعها فيها. يجب أن تكون هذه ميزة مفيدة للغاية بالنسبة له.

انتظر حتى نضجت اللحوم وأصبحت عطرة، وأطفأ النار، ثم اتجه إلى خارج الجبل، ليرى بزوغ يوم جديد.

جلس يراقب شروق الشمس وهو يتناول اللحم ويشرب نبيذه. كان من الصعب تخيّل أن ثلث الحياة على هذا الكوكب قد دُمِّرَ بسبب لعنته تحت هذه الشمس المشرقة.

كم من الناس كانوا سيموتون فقط لتبرير هذا الكم من الموت؟ أنهى روان آخر قطرة من النبيذ وأخذ قطرة أخرى وكسرها.

تحول البرد على لسانه إلى حرارة ملتهبة داخل صدره، وتجول عقله في الممرات التي من الأفضل تركها دون مساس.

ما كان يحدث على هذا الكوكب لم يكن بإرادته. لكن هذا لا يعني أنه لا يتحمل أي مسؤولية.

وبما أن الوحوش استخدمت جسده كمصدر للتغذية للنمو، فإنه كان سيجمع كل ما ينتمي إليه.

لقد رأى روان الكثير من الموت والدمار في وقت قصير جدًا لدرجة أنه لم يعد يعرف كيفية التعامل مع الحزن.

لم يكن بإمكانه إلا أن يحاول تصحيح الأخطاء التي قد يصادفها، وأن يعيش حياته بطريقة تجعله ينام ليلاً دون أن يتساءل عن طبيعة قلبه.

ولكن لأنه لم يعد يستطيع النوم، كان عليه أن يتخلص من آلامه بطرق أخرى.

وبعد فترة قصيرة، بقي معه عظمة طويلة، على الأرجح أنها جاءت من فخذ حيوان، وكانت صلبة للغاية وقام روان بتدويرها ليشعر بوزنها.

ممسكًا بنبيذه بيده اليسرى، نزل من الجبل وسقط كالصخرة. انطلق شعره خلفه وهو يمرّ بسرعة عبر السحابة المتقطعة.

يوجه سقوطه بمهارة بعيدًا عن الجبل، وسرعان ما يتمكن من رؤية علامات الحضارة في الشمال، ويوجه نفسه نحو الغرب حيث يمكنه رؤية علامات الصراعات.

كان يجمع المعلومات ونقاط الروح أثناء توجهه نحو الشمال، وسرعان ما بدأ يرى المعركة التي كانت تحدث بوضوح تحته.

جمع ذئب ذهبي عملاق عشرات الآلاف من الأنواع المحلية من المخلوقات الشبيهة بالذئاب على هذا الكوكب. كوّن الوحش جيشًا ضخمًا تراوحت أحجامه بين ذئاب بحجم كلاب صغيرة وفيلة.

كانوا يمزقون مدينة كانت مقاومتها التي شكلتها قواتها قد تحطمت إلى أشلاء، وبدأت الوحوش في تمزيق هذا المكان، وارتفعت النيران والصراخ بنفس القدر بينما كان رقص العنف المألوف يحدث تحته.

بدأ يُضيف زخمًا إلى سقوطه، مُسرعًا نفسه أكثر فأكثر. بدأ روان يُوجّه سقوطه نحو الذئب، وكانت سرعته الآن سريعة جدًا، حتى أن مروره ترك صفيرًا حادًا في الهواء، فاستدعى ضوء لحمه وأحاط به لهب أحمر، قبل أن يُغطى هو الآخر بلهب أخضر عندما استدعى نار العظام.

بحلول هذا الوقت، بدأ يلاحظ أن وجوده قد تم اكتشافه، لكنه لم يهتم، وسوف يفاجأ إذا لم يتم رؤيته، لأنه يشبه شمسًا خضراء ساقطة.

لقد اخترق حاجز الصوت قبل لحظة من وصوله إلى الذئب الذهبي، الذي قفز عليه بلا خوف.

ابتسم روان، ثم حدث بينهما الصدام.

الترجمة : كوكبة