السجل البدائي - الفصل 94
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 94: عيون مغلقة على مصرعيها (4)
بعد أن شتت سؤاله، ترك نفسه يتلاشى في ذاكرتها، حيث كانت تقف داخل حقل لم ير مثله من قبل. كانت ترتدي ثوبًا أحمر فضفاضًا وعينيها مغلقتين.
فجأة، شعر روان أنه كان في زمن مختلف، في مكان ما في الماضي البعيد، كان الهواء مختلفًا، كان حيًا تقريبًا.
عاد انتباهه إلى المرأة، فلاحظ روان ملامحها، التي لا يمكن وصفها بالضرورة بأنها جميلة بالمعنى التقليدي، ولو وصفها لوصفه بطلة. كانت تمتلك هالة شجاعة تشبه المحاربة.
ذكّره هيكل جسدها بمايف، حتى تحت رداءها الفضفاض، لم يكن من الصعب إلقاء نظرة خاطفة على شكلها الرشيق. كان جسدها يخفي قوة صادمة.
في نهاية الحقل كانت هناك قرية بدت أشبه بمدينة كلكتا إلى حد مخيف. كان المزارعون يحملون معاولهم ومناجلهم وهم يتناقشون فيما بينهم بمرح، لأن الحصاد كان وفيرًا.
كان بإمكانه أن يسمع من بعيد ضحكات الأطفال الرائعة وأصوات القرية المبهجة وهم يبدأون يومًا جديدًا، وكانت الشمس قد بدأت تشرق فوق الأفق وكان زقزقة الطيور التي تحلق في السماء مثل الموسيقى في الأذنين.
فتحت عينيها، كانت حدقتاها حمراء كالدم، لكنها كانت تتوهج مثل الأحجار الكريمة. كانت في حقل شعير، وسارت ببطء عبر الحقل، وتركت أصابعها تمر عبر الحبوب. هبت الرياح على شعره الطويل الذي يصل حتى خصرها، وتحولت زاوية فمها وهي تبتسم ابتسامة ملتوية.
لقد شاركها هذه اللحظة، كانت لحظة سلام وهدوء. لقد كان جزءًا فريدًا منها تمكن من فهمه، ففي النهاية، كانت قدرته على استيعاب وفهم أرواح الآخرين مرتبطة بسلالته، وهي قوة لم يكن من المفترض أن تُرى في الكون المادي.
استقرت يد على كتفيها ودخل صوت مرح إلى أذنيها، “يا فارسني العظيمة. إن مثل هذا المنظر رائع.”
“أعلم ذلك.” أجابت، وبدت لها الأيدي على كتفيها مألوفة، ولم تتردد في لمسها.
“الآن.” بدا الصوت وكأنه يستمتع كثيرًا بكلماته التالية، “احرقي كل شيء”
“ماذا؟”
ثم رأى روان يديها ترتفعان، وشرارات تتفتح بين أصابعها، وصراخها غير المرغوب فيه يعلن عن اندلاع النيران من جسدها مثل بركان ثائر، وتحول الحقل إلى المطهر عندما ظهرت دوامة ملتهبة على صدرها، انفتحت وأطلقت فوجا سميكًا من الصهارة.
بكت من الصدمة لأن النيران المنبعثة من جسدها رفضت أوامرها، وانتشرت إلى القرية أدناه. ووصلت الصهارة إلى القرية مثل الفيضان.
تساقط الرماد كالمطر، وأظلمت السماء عندما صبغ الدخان المتصاعد السماء باللون الأسود، وصبغت النيران السحابة باللون الأحمر. وأصبح العالم كابوسًا.
صرخ روان بصدمة وغضب، وأراد أن يبذل كل ما في داخله لإبعاد النيران، وسعى جاهدا لمساعدتها في إغلاق بوابات الجحيم التي فتحت داخل جسدها.
لم تترك تلك اليد كتفيها أبدًا حتى خلال كل أفواج النيران، ضغطت على كتفيها بطريقة مألوفة ومؤلمة.
“فارستي المخلصة. الآن اسحقهيهم!”
ما أجابه كان ارتعاشًا. ثم بدأ جسدها يمتص كمية لا تصدق من الأثير، كانت كمية الأثير كبيرة لدرجة أن الفضاء بدأ ينفتح، وتحولت النيران الحمراء المنبعثة منها إلى اللون الأزرق، لكنها استمرت في امتصاص المزيد من الأثير، وظهر شيء أسوأ.
بدأت الأرض بالانقسام من تحت قدميها، ومن الأرض الممزقة، ظهرت مئات من عمالقة الحمم، وتدفقت على بقايا الناس الذين ما زالوا على قيد الحياة.
لم تكن صرخاتها من أجل الأشخاص الذين قتلتهم للتو فحسب، بل كانت أيضًا من أجل الثقة التي فقدتها عندما استخدمت تلك اليد تفانيها ضدها.
بالكاد تفاعلت عندما خرج نصلان من الشفرات من صدرها. وبينما خفت حدة تفكيرها، حل محلها الغضب.
كانت هذه هي اللحظة التي سيطر فيها روان على الذاكرة. جمّد المشهد وحاول استرجاع أكبر قدر ممكن من التفاصيل.
يجب أن تكون هذه سيدة مهيمنة سارت على مسار الخبير، واستخدمت قوة اللهب، يجب أن تكون هذه المرأة عضوًا في عائلة كورانيس، هل كان هذا هو مصدر الألفة التي شعر بها عندما اندمجت روحها م روحه؟
كانت القوة التي تمتلكها رائعة، لو لم يكن لديه السجلات كلية العلم فلا شك أنه كان سيسلك هذا المسار.
عبس، تذكر اللحظة التي أمرها فيها ذلك الصوت بالقتل، لم يكن جسدها راغبًا، لكن القوة بداخلها أطاعت ذلك الأمر. بدا الأمر وكأنه يتجاوز سلطتها ويستولي على السيطرة على جسدها.
هل كان من الممكن أن يسيطر المهيمنون الأعلى في المسار على من هم تحتهم؟ لم يعتقد أن ذلك ممكن أو إذا كان كذلك، فسيكون نادرًا جدًا.
ثم تذكر الرموز التي تم ختمها على جسده والتي تربط السجل البدائي، وشعر أنه يعرف السبب وراء كيفية التحكم بها ومصدر الألفة التي أفلتت من حواسه.
لقد كان السجل البدائي!
لقد شعر بوجوده داخل جسد المرأة، وكان من السهل تفويته لأنه كان دائمًا داخل روحه، وقد أدرك هذه الألفة عندما سكن ذاكرة روح المرأة، استغرق الأمر بعض الوقت حتى أدرك أن السجل البدائي الذي كان يشعر به كان هو نفسه، لكنه لم يكن خاصته.
لم يكن هذا صادمًا له بشكل خاص، حيث أن السجل البدائي لم يكن ملكًا له في الأصل، فقد كان وجوده معروفًا لوالده والآخرين، وإذا كانوا يعرفون أنه يمكن أن يندمج مع السجل البدائي، فمن المنطقي أن تكون هناك وقائع مماثلة في الماضي، وكان من غير المرجح أنه كان المضيف الأول لهذا السجل.
كما لفت انتباهه تفصيل معين. كان زوج الشفرات التي اخترقت صدر المرأة عبارة عن مقص. كان بإمكانه رؤية الدم يتجمع في النقش الموجود على الشفرة على شكل لولب، وكان الرمز مكتوبًا عليه : خمسة.
كانت المقصات التي فقدها في المعركة تحمل رمزًا مشابهًا، لكن الرمز كان ستة على الأنصال. لقد تساءل ذات يوم عن معنى الرمز، والآن لديه أسئلة أكثر من الإجابات.
ولكنه لم يشعر باليأس لأن الإجابات كانت قريبة جدًا منه، وإذا كان له أن يعرف شيئًا عن الحقيقة، فسوف يكون ذلك هنا. داخل هذه المنشأة، سيحصل على الإجابات التي يتوق إليها، وإذا لم يتمكن من ذلك، فسوف يقاتل على الأقل من أجل حريته ويبحث ببطء عن حقيقته.
القطعة الأخيرة في هذه الرؤية كانت أمامه، كان الصوت الذي أمر الحاملى السابقة بتدمير ما تحبه قبل أن تُقتل.
تتبع إدراكه ببطء الذراع على كتفها، قبل أن يلاحظ شيئًا غريبًا، كانت الذراع تغير شكلها باستمرار.
كانت ذراع رجل سميكة، ثم أصبحت ذراع امرأة رقيقة، ثم أصبحت ذراع طفل، ثم أصبحت مغطاة بالقشور، قبل أن تتحول إلى فرو، وكانت في حالة تغير مستمر.
وكان باقي مظهر الشخص هو نفسه، لكن وجهه كان دائمًا بعيدًا عنه، لكن كانت هناك سمة ثابتة في هذا الوجه، وهي ابتسامته.
كانت ابتسامة واسعة ومجنونة تمتد من الفم حتى تكاد تصل إلى الأذنين، سواء كان طفلاً أو امرأة أو رجلاً، تلك الابتسامة لم تترك وجوههم أبدًا.
فجأة شعر روان بحكة داخل روحه والوجه الذي كان بعيدًا عنه، بدأ يتجه نحوه ببطء.
انتهت الرؤية فجأة، وعاد إلى نفسه قبل أن ينطفئ فجأة كل الضوء القادم من الجدران، ويغرق في ظلام دامس.
الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]