السجل البدائي - الفصل 18
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل 18 : “أصمت… عزيزي”
كان هناك نظرة غريبة على وجه مايف، ووقفت، “من بين كل أسباب هذه المشكلة، من المؤامرات البشرية إلى المهيمنين المارقين، لماذا تختار خيارًا بعيد المنال مثل رجس؟”
سعل بيرديو، وخده أصبح أحمر اما بسبب الخجل أو الإنزعاج، “سؤال رائع ميلودي. ولاكنني أخشى أن تكهناتي ليست بلا أساس”.
لقد بحث عن شيء ما داخل ملابسه الواسعة، “لقد كان هذا قبل سنوات، عندما كنت مساعدا تحت إمرة رئيس كهنة مالاكيث”. انحنى بيرديو ووضع ثلاثة أصابع على جبهته – علامة على الخضوع لساميه. “لقد اتبعت قافلة من تجار التوابل إلى أراضي خوريش من جزر المطهر. قافلة طولها عشرة أميال. كانت هذه أول رحلة تبشيرية لي، اعلم فقط”.
لا بد أن الكاهن المظلم رأى العبوس الذي ارتسم على وجه مايف، لذا فقد واصل سرد قصته على عجل، “أثناء الرحلة، هاجمنا وحش… ذلك الشيء كان ذو أطراف كثيرة و سريعًا. سريع كالبرق. مات معظم أفراد القافلة في الدقائق القليلة الأولى”.
توقف الكاهن وكأنه يستعيد ذكرى مخيفة معينة، وهو يضغط على يديه بقوة وعيناه تحملان نظرة مسكونة، “أتذكر التسلسل الذي بدأ به الهجوم. بدأ بالحيوانات المفقودة، ثم العبيد، وعندما اختار الهجوم علانية على القافلة، غطى الضباب الرطب المكان حولها”.
انخفض صوت بيرديو إلى همس، وكانت كتفاه مرفوعتين وكأنه في وضع دفاعي، “أنا وعدد قليل من الآخرين نجونا بالكاد. وهذا فقط بفضل تعرضنا للإنقاذ في الوقت المناسب من قبل دوريان الأحمر – ابن القرمزي. ولقد منحني سنًا واحدة من ذلك المخلوق.”
أخرج بيردو من صدره سنًا مسننة يمكن أن تكون بمثابة خنجر، كانت السن سوداء اللون وتحمل معها رائحة مريبة، “في الليلة الماضية. بدأت السن…تنزف.”
أراها لها. وتوقفت مايف عندما رأت قطرة دم تتشكل ببطء على طرف السن. تدفق الدم ببطء على عليها وتم امتصاصه، وحصل نفس الشيئ بعد ذلك مرة أخرى.
“هل أنت متأكد أن هذه السن جاءت من رجس؟”
“أقسم بحياتي، كل ما قلته للتو كان الحقيقة.”
“بوردو، قصتك هذه… مثيرة للاهتمام”
“أعلم أن الأمر يبدو بعيد المنال، سيدتي، ولكنني أعتقد أن هذا دليل كافٍ لإثبات وجود علاقة بين هذه الأزمة وتجربتي السابقة. يتعين علينا إخلاء البلدة”.
عبست مايف وقالت: “إذا كانت تكهناتك صحيحة، فأخشى أن يكون الأوان قد فات”. أشارت إلى الخارج، التفت بيرديو، وأطلق أنينًا.
كانت البلدة مغطاة بالضباب ببطء.
تغير وجه مايف وانطلقت من حيث كانت واقفة. لم تهتم بفتح الأبواب ولكنها انطلقت من خلالها. لقد تحطمت الرون المتدفق الذي احتفظت به في الأعلى مع روان.
لقد تغيرت كثيرًا. وأصبحت جديدًا
*****
“بوم… بوم… بوم.”
سمع روان بقدر ما شعر بنبضات قلبه، وكانت كل حواسه تفرح. كان قويا، وكان لديه اثنتان منا. شعر أنهما حقيقيان.
كان هناك قلبان قويان يجريان في عروقه دم برونزي. كانت يداه ترتعشان، وكان يرتجف قليلاً داخل البيضة. وسرعان ما سيولد من جديد!
لم تكن لديه عينان أو آذان بعد، وكانت روحه عالقة في أعماق جسده تراقب التغيرات التي تحدث له، ولاكن رغم ذلك إستطاع رؤية…او سماع ظل ما يقف فوق بيضته.
نقر. نقر. نقر. نقر
*****
استيقظ ريجولف على أصوات أخته تضحك وأمه تغني، وفكر للحظة أن أحداث الأسابيع القليلة الماضية كانت مجرد حلم سيئ، نسخة طبق الأصل من حياته صنعها عقله.
لقد عادت أمه، أوه… كم افتقدها.
لقد مضت أيام القلق والبكاء الطويل، كانت ستيسا شقية للغاية، وقد بذلت جهدًا للعناية بها، وسأمل ألا تغضب منه لإعطائها الكثير من الحلوى.
كان يفتقد طهيها حين يعود إلى المنزل، وأغانيها حين كانت تحكي لهم قصص أبيهم وشجاعته، مما جعله يرغب في أن يكبر ويحمل تلك المسؤوليات.
ولهذا السبب أطلقت عليه اسم أبيه. ريجولف. اسم قوي. اسم يدوم.
لفترة قصيرة، ظن أنه قادر بما فيه الكفاية، وأنه بدأ ببطء في ملء المكان الضخم الذي تركه والده وراءه، لكن غياب والدته تركه مرعوبا، ومرضها الغريب تركه في حيرة، وفقط وجود ستيسا ومسؤوليته تجاهها هي وأمه أعطته القوة للاستمرار.
ربما كان من الحكمة أن يخبر الكبار بما يحدث في منزله، إلا أنه شعر برغبة قوية في عدم القيام بذلك. كان الكشف عن والدته المريضة للعالم مؤلمًا. كانت والدته امرأة فخورة وإذا علمت أن الناس ينظرون إليها على أنها ضعيفة أو مجنونة فإن ذلك من شأنه أن يحطمها. وكان ريجولف شخصًا فخوراً، لذا احتفظ بهذا داخل الأسرة.
وأخيرًا، بدا أن مثابرته قد أتت بثمارها، فقد عادت والدته إلى حالتها الطبيعية.
فتح عينيه على منزل فارغ، النوافذ والأبواب مفتوحة، وهبت نسمة منعشة إلى المنزل، كان الهواء برائحة الصنوبر والزهور، وبدأ قلبه ينبض بشكل أسرع من الإثارة، هل انتهت الكوابيس؟
كان صوت أمه وستيسا قادمًا من الخارج بالقرب من المطبخ، حاول الوقوف وفشل في المرتين الأوليين، افترض أن ذلك كان بسبب النوم على الأرض، مما أدى إلى تصلب عضلاته، ولكن على الأقل كان قادرًا على الجلوس.
نظر إلى ساقيه، لكن شيئاً ما سحب عينيه بعيداً، كانت ستيسا تمشي في الداخل بابتسامة مشرقة على وجهها.
“أيها النائم، لقد استيقظت الآن! أمي تُريني خدعة سحرية وقد فاتك الكثير. دعني أريكها لك!”
ركضت نحوه ومدت يدها اليسرى إليه. قالت: “لقد قطعت أمي يدي، لكنها لا تؤلمني، بل إنها تشعرني بالراحة!” ضحكت بفرح، وزادت نبرة ضحكها درجته، وبدا الأمر وكأنها تصرخ: “تعال يا أخي الكبير، عليك أن تجرب ذلك”.
شعر ريجولف بلحظة من التنافر، وكاد أن يعود إلى النوم مرة أخرى لأن هذا كان حلمًا سيئًا، والطريقة الوحيدة للاستيقاظ من الأحلام السيئة هي النوم بعيدًا عنها حتى يتم نسيانها عند الاستيقاظ.
شعر بنفس الإحساس في ساقيه، هذه المرة كان مؤلمًا قليلاً، وكان لديه شعور بالضيق والرطوبة حول ساقيه، أراد أن ينظر إليهما، لكن الضحك المجنون من أخته لفت انتباهه.
“ستيسا، ماذا حدث ليدك؟! من فعل هذا؟! أين أمي؟! أين هي؟! هل يمكن مناداتها؟!، ساقاي متيبستان ولا أستطيع الوقوف!”
صدى صوت ريجولف المذعور في الغرفة، كانت عيناه واسعتين ومليئتين بالارتباك والغضب.
تراجعت ستيسا عن صراخ أخيها، وضمت شفتيها، “الأخ الأكبر شخص حقير، لماذا تريد أن تدفعني بعيدًا؟”
فجأة، بدأت في البكاء، فذعر ريجولف، وواساها وأسكتها، وأخبرها أن كل شيء على ما يرام حتى أومأت برأسها وهدأت.
“بما أن الأخ الأكبر لا يريد إبعادي، فلماذا طلبت مني أن أنادي امي، عندما تكون هنا معنا ؟.”
“هل هي هنا؟ لماذا لا أستطيع رؤيتها؟” نظر ريجولف حوله، لكنه لم ير أحدًا.
“أخي الأحمق، انظر إلى ساقيك، أمي تقوم بحيلة سحرية أخرى.” وضحكت.
أدار ريجولف عينيه في خوف وغضب متزايدين، كانت ستيسا تنزف طوال هذا الوقت، وإن كان ذلك ببطء شديد، وكان عليه أن ينقلها إلى الصيدلية. ثم نظر إلى أسفل إلى ساقيه.
في وقت سابق، ما كان يمنعه من رؤية ذلك كان خوفه المتزايد واهتمامه بسلامة أخته. ولاكن بعد أن رأى ساقيه، توسعت عيناه وبدأ في الصراخ.
كانت أمه قد أحضرت دمية من الحقل، كانت الدمية لفتاة ذات شعر أشقر وعيون زرقاء سماوية، حملها ريجولف ذات مرة ثم أسقطها، وشعرت أن الدمية تحتوي شخصًا، فقد كانت أثقل مما تبدو.
الآن بدأت تلك الدمية تبتلع ساقيه ببطء. كان فمها ممتدًا حتى أذنيها، وكانت قد شقت طريقها بالفعل إلى ركبتيه، وكانت عيناها الزرقاوان الميتتان مثبتتين على وجهه!.
وبينما كان يصرخ، أضاءت تلك العيون من الانزعاج.
“اصمت… يا…عزيزي.” دخلت والدته وهي تحمل سكين جزار وذراع ستيسا، “أختك الصغيرة تكره أن يزعجها أحد عندما تأكل”
في تلك اللحظة، حدث شيء ما داخل ريجولف.
الترجمة : [كوكبة الموقر الأمير المجنون]
————
الأن راح يبدأ الحماس والرعب