رواية لا يقهر - الفصل 1 : قارة رياح الثلج
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
إنساب الليل ببطئ بينما لمعت النجوم .
على أحد التلال وقف طفل يبلغ من العمر حوالي ست سنوات في وضعية غريبة. كانت قدما الطفل ممتدتتين، وأصابعه بالكاد تلامس الأرض، رفع كلتا يديه عاليا فوق رأسه، وأمال رأسه قليلا، تدفقت طاقة الروح الخافتة وغمرته من سافله لعاليه .
في السماء الحالكة السواد توهج القمر المكتمل و غلف الطفل بضوءه الفضي .
حافظ الطفل على الموقف الغريب لعدة ساعات، امتص الطاقة الروحية، و سمح لها بالتدفق تدريجيا وبوتيرة ثابثة في خطوط الطول .
مرت الليلة الهادئة ببطء.
ومع تلاشي ضوء القمر، وحلول اشعة الشمس الدافئة، أنزل الطفل يديه ببطء. فتح كلتا عينيه ليكشف عن تألق ذهبي تداخل مع نظراته الحادة والعميقة .
تنفس هوانغ شياو لونغ بعمق من فمه ، حدق قليلا في الشمس الساطعة التي أشرقت . منذ يوم ولادته، مرت سبع سنوات منذ أن تجسد في هذا العالم. مارس كتاب التحولات المقدسة في سن الثالثة. بعد مرور أربع سنوات، تمكن أخيرا من بلوغ المرحلة الثالثة : كف باب السماء.
في حياته السابقة، تدرب أسلافه في معبد شاولين للفنون القتالية ومارسوا التحولات المقدسة باعتبارها ارثا لهم وللمعبد نفسه. ولحد الساعة، لم يتمكن هوانغ شياو من فهم سبب نقله إلى هذا العالم الجديد بعد .
لكن ما أصاب هوانغ شياو لونغ بالاكتئاب أكثر أو أقل من غيره هو أنه استيقظ في جسد طفل رضيع .
مدد هوانغ شياو لونغ ذراعه بلطف ثم ابتسم دون وعي منه. في حياته السابقة بلغ السابعة عشرة من عمره قبل أن يتناسخ من جديد ، بعد أربعة عشر عامًا من التدريب الشاق وكعبقري فنون قتالية استطاع صقل جسده وتمكن من بلوغ للمرحلة التاسعة من التحولات المقدسة ، لكن من كان ليتخيل أنه سيتعين عليه إعادة التدرب من نقطة الصفر .
بعد دقائق ، سمع هوانغ شياو صوت خطوات ناعمة قادمة من خلفه، ثم سرعان ما ولج صوت طفولي لأذنه : “أخي الأكبر، أرى انك تستمتع برؤية شروق الشمس مجددا لكن أبي وأمي يبحثان عنك “.
التفت هوانغ شياو لخلفه ولمح طفلة صغيرة جميلة بلغت على ما يبدو من العمر خمس سنوات مع عيون مستديرة كبيرة و غمازات لطيفة واثنين من الضفائر المتدلية . كانت شقيقته الصغرى هوانغ مين .
طبعا بخلاف هوانغ مين، كان لدى هوانغ شياو لونغ شقيق أصغر آخر يدعى هوانغ شياو هاي أصغر منها بثلاث سنوات .
” هاه ؟ أمي وأبي يبحثان عني؟ “ما المشكلة؟ ”
“أنا لا أعرف”. ردت هوانغ مين بكل براءة ، “أخي لنعد بسرعة. إذا تأخرنا أكثر، سيوسعك أبي ضربا ! ”
عندما سماعه لرد أخته، ابتسم هوانغ شياو ثم ضغط على خديها قبل أن يقول : “لنعد إذا ”
فركت هوانغ مين خدها من شدة الألم ، ثم صاحت قائلة : “أخي، أنت كريه كالعادة ، متى ستتوقف عن شد خدي في كل مرة ! ”
ضحك هوانج شيان وتجاهل تذمر أخته، ثم مد يده مرة ثانية وقرص خدها ” طفلة شقية ” ، وقبل أن تندلع مجددا في فورة غضب فر بسرعة بينما طاردت هوانغ مين من خلفه .
وهكذا استمتع الشقيقان كالعادة بالمطاردة والصراخ أثناء النزول من على التل .
.
بعد دقائق من الهرولة وصل الأخ وأخته إلى مقر عشيرة هوانغ .
توجه هوانغ شياو إلى القاعة الرئيسية في الفناء الشرقي. داخل القاعة جلس رجل بالغ في منتصف الثلاثينيات منتظرا ، ارتدى رداءا أبيض بسيطا وغير مزركش ، بجانبه جلست امرأة جميلة مقبولة المظهر . طبعا كانا والدا هوانغ شياو في هذا العالم : والده هوانغ بينغ، ووالدته، سو يان.
“أبي، أمي، هل بحثتما عني؟” سأل هوانغ شياو فور دخوله القاعة.
هوانغ بينغ حدق في ابنه بنظرة حادة، : “أين كنت تلعب في مثل هذا الوقت المبكر من الصباح؟”
“لا بأس. لا تخف الطفل “. بجانبه قالت سو يان والدته بابتسامة تعلو وجهها :” شياو يير ، في غضون أيام معدودة ستبلغ السبع سنوات رسميا. لقد حان الوقت لإيقاظ روحك القتالية . والدك وأنا نخطط لتسجيل اسمك في قاعة الفنون القتالية من أجل حفل الصحوة. ”
‘ الروح القتالية وحفل الصحوة؟ ‘ هوانغ شياو شرد للحظة .
في هذا العالم الغريب ، لدى البشر القدرة على ايقاظ ما يعرف بالأرواح القتالية . ارتبطت قدرات ومواهب البشر ارتباطا وثيقا بدرجة أو رتبة الأرواح القتالية، حيث تم تصنيفهم إلى أرواح منخفضة ، متوسطة وعالية ؛ وتم تقسيمها إلى عشر درجات ترتيبا تصاعديا ، كملخص موجز ساعدت الأرواح القتالية البشر على استيعاب القوة الروحية من العالم وصقلها بسرعة وسهولة .
ومع ذلك، وللأسف أقلية من البشر ولدوا من دون أرواح قتالية، والبعض منهم تعرض للشلل وتحطمت أرواحهم القتالية، مما منعهم من التدرب وامتصاص طاقة الروح . عادة ما وصفت هذه الأقلية بالنفايات في هذا العالم !
‘ الروح القتالية ‘… وميض حاد انعكس على عيون هوانغ شياو ، لطالما تطلع لحفل الصحوة للتعرف على روحه القتالية، كما أنه شعر بالفضول عن ماهيتها .
بعد دقائق، قادت سو يان وهوانغ بنغ هوانغ شياو إلى قاعة الفنون القتالية داخل عقار عشيرة هوانغ. بعد إدراكهم للحشد الغفير الذي انتظر في المنطقة الخارجية للقاعة المقدسة، لاحظ هوانغ شياو أنه بخلافه، أقبل عديد أطفال عشيرة هوانغ من أجل التسجيل أو مشاهدة حفل الصحوة الذي يقام مرة واحدة في السنة .
داخل قاعة الفنون القتالية وقف رجل في منصف العمر ، وجه مربع وحواجب كثيفة ، تسربت منه هالة باردة وغطت القاعة ، كان شقيق هوانغ بينغ الأكبر ، هوانغ مينغ عم هوانغ شياو .
بجانبه وقف طفل في نفس عمر هوانغ شياو ، كان هوانغ وي ابن عمه الوحيد .
بعد برهة قاد هوانغ بينغ ابنه وزوجته لداخل القاعة ، ثم ألقى التحية ” الأخ الأكبر ”
تلاه هوانغ شياو ” العم الأكبر ”
لكن على عكس تعبير هوانغ بينغ الودود ، تحول وجه هوانغ مينغ لشائن وكشف عن تعبير بارد ثم تدارك نفسه بسرعة ، فحاول تخفيفه وردّ ” أنت هنا إذا ” .
وفقا لذكريات هوانغ شياو ، كان عمه الغير بشوش مسؤولا عن قاعة العقاب في عقار عشيرة هوانغ لذلك اتصف بالقسوة واللامبالاة .
بعد بضع لمحات لم ينطق هوانغ مينغ كلمة أخرى أما هوانغ بينغ ؟… بمعرفته لمزاج وسلوك شقيقه لم يتخذ أي إجراء ووقف بجانب عائلته .
بعد دقائق من تجمع باقي العائلات دوى صوت ضحكة في أرجاء القاعة ، حدق هوانغ شياو في اتجاه الصوت مع باقي الحشد ، عجوز كبير في السن لكن على عكس باقي الكهول ، اتصف بجسد صحي عضلي وقوي ، دخل القاعة ببطئ . ‘ طبعا من يجرؤ على الضحك في القاعة المقدسة غيره ‘، ضيق هوانغ شياو عيناه .
هوانغ كيد جد هوانغ شياو وأيضا زعيم عشيرة هوانغ الوحيد لأربعين سنة .
” زعيم العشيرة ”
هرع الحضور بسرعة وحيوا الرجل العجوز كبادرة للاحترام .
” أبي ”
تقدم هوانغ بينغ وهوانغ مينغ أيضا لإلقاء التحية .
من خلفهما حيا هوانغ شياو وهوانغ وي مؤسس عشيرة هوانغ ” الجد ”
ابتسم هوانغ كيد ، رمق ابنه هوانغ مينغ لبرهة ثم حول نظره بعيدا وحدق بالحشد الغفير من حوله وابتسم ” لا حاجة لايقاف المراسم ، جئت اليوم لإلقاء نظرة فقط ” .
في العادة في عشيرة هوانغ ، لم يستوجب حفل الصحوة حضور مؤسس العشيرة إضافة إلى أنه لم يعره الاهتمام ، لكن على غير العادة وخلافا للأعوام السابقة وبسبب حفيديه هوانغ وي وهوانغ شياو قرر هذا العجوز الذي يحب العزلة مشاهدة أداء أحفاده وتشجيعهم قليلا .
وقف هوانغ كيد في مقدمة القاعة المقدسة ، اجتاجت عيناه الحشد الغفير قبل أن تتوقف على الرجل العجوز بجانبه ، ضحك قليلا ثم قال ” بما أن الجميع قد حضر !… فلا حاجة للتأخير فلتبدأ المراسم ” .
” نعم سيد العشيرة ” أجاب الرجل العجوز الذي يرتدي رداءا رماديا قديما باحترام ثم سار في وسط القاعة .
كان المسؤول عن حفلة الصحوة ، اسمه تشينغ يينغ شيخ كبير في العشيرة ويعتبر اليد اليمنى لهوانغ كيد .
وقف تشينغ يينغ فجأة ورفع كلتا يديه ، ببطأ توهجت راحتا يده ، تسربت هالة قوية منها وغطت القاعة المقدسة .
لمعت عينا هوانغ شياو ‘ هذه هي قوة التشي لمحارب هوتيان من المستوى التاسع ؟ قوي !… ‘ حتى مع مهاراته من حياته السابقة و تحقيقه للمرحلة التاسعة من كتاب التحولات المقدسة فربما من شبه المستحيلات أن يقارعه في القوة أو يفكر حتى بهزيمته .
مع توجيه تشينغ يينغ لطاقة التشي أصبح التوهج على راحة يده أقوى وتضاعفت هالته القمعية ، أشرق نمط سداسي الشكل وشكل عمودا من الضوء .
” هوانغ وي ! أنت أولا ” صاح هوانغ كيد من الخلف في حفيده .
” حاضر جدي ” رد هوانغ وي وسار ببطئ إلى أن غلفه الضوء الشديد ، وقف في وسط النمط السداسي ، شعر بالتوتر والضغط الشديد الذي غلفه بسبب الهالة القوية والمستبدّة .
من بعيد شعر هوانغ مينغ هو الآخر بالتوتر وهو يحدق في ابنه الوحيد .
بعد دقائق من وقوف هوانغ وي داخل الضوء ، إنجلى ظل أسود فجأة من خلفه ، بعد برهة تبين أنه نمر أسود مع ثلاثة أعين ، مع مرور الوقت تكثّف الضوء الأسود ، هدر بشراسة في الحشد الغفير ، صوته القوي هز أرجاء القاعة .
تفاجأ الجميع .
حدق هوانغ كيد في في النمر الأسود مع تلميح من الإثارة ، ضحك بشدة وبكل حرارة ” هههه نعم إنه النمر الأسود ذو الثلاثة عيون روح قتالية من الدرجة العاشرة ” .
أما تشينغ يينغ فبكى من شدة الإثارة وارتجف قائلا ” الدرجة العاشرة ؟… نعم إنها الدرجة العاشرة حقا !” .
نعم في قارة رياح الثلج تم تصنيف النمر الأسود ذو الثلاثة عيون كروح عالية المستوى من الدرجة العاشرة في ذروة التصنيف !