انتفاضة الحُمر - الفصل 4
لاتنسو الدعاء لأخوتنا في غزة ❤️
الإعدادات
Size
A- A+Font
لون الخلفية
الفصل الرابع : الهدية
بينما تنقل الصناديق المتوّجة بالإكليل إلى عشيرة جاما، أفكر في مدى دهاء الأمر حقًا. لن يدعونا نفوز بالإكليل. لا يهمهم أن الحسابات غير متوافقة. لا يهمهم صراخ الشباب احتجاجًا أو أنين كبار السن بحكمتهم المعهودة البالية. إنه مجرد استعراض لقوتهم. إنها قوتهم. فهم من يقرر الفائز. لعبة جدارة تُكتسب منذ الولادة. إنها تحافظ على التسلسل الهرمي. تجعلنا نكافح، ولكن من دون أن نتآمر أبدًا.
لكن على الرغم من خيبة الأمل، فإن جزءًا منا لا يلوم المجتمع. نحن نلوم جاما، الذين يتلقون الهدايا. لدى الرجل قدر محدود من الكراهية، على ما أظن. وعندما يرى أضلاع أطفاله من خلال قمصانهم بينما يملأ جيرانه بطونهم بحساء اللحم والفطائر المحلاة، يصعب عليه أن يكره أي شخص آخر سواهم. يتوقع المرء أنهم سيشاركون. لكنهم لا يفعلون.
يهز عمي كتفيه لي والآخرون يغتاظون ويشتعلون غضبًا. يبدو لوران وكأنه على وشك مهاجمة علب الصفيح أو أفراد عشيرة جاما. لكن إيو لا تدعني أغلي جراء غضبي. إنها لا تدع مفاصل أصابعي تبيض وأنا أقبض يدي من شدة غيضي. إنها تعرف طبعي الذي بداخلي أفضل من أمي حتى، وتعرف كيف تستنزف الغضب قبل أن يتصاعد. أمي تبتسم برقة وهي تراقب إيو تمسك بذراعي. كم تحب زوجتي.
تهمس إيو: “ارقص معي”.
تصيح في عازفي الزيثير ليكملوا عزفهم وفي قارعي الطبول ليضربوا. لا شك أنها تشتعل غضبًا. إنها تكره المجتمع أكثر مني. لكن لهذا السبب بالذات أحب زوجتي.
سرعان ما تتعالى موسيقى الزيثير السريعة ويطرق كبار السن أيديهم على الطاولات. تتطاير التنانير متعددة الطبقات. تدق الأقدام وتتحرك. وأنا أمسك بزوجتي بينما تتمايل العشائر في رقصة جماعية عبر أنحاء الساحة للانضمام إلينا. نتعرق ونضحك ونحاول أن ننسى الغضب. لقد نشأنا معًا، والآن كبرنا. في عينيها، أرى قلبي. في أنفاسها، أسمع روحي. إنها أرضي. إنها عشيرتي. حبيبتي.
تسحبني مبتعدة وهي تضحك. نشق طريقنا عبر الحشد لنكون وحدنا. لكنها لا تتوقف بعد أن تحررنا من الحشود. إنها تقودني على طول الممرات المعدنية والأسقف المنخفضة المظلمة إلى الأنفاق القديمة، إلى مصنع النسيج ، حيث تكدح النساء. لقد انتهت نوبة عملهن للتو.
“إلى أين نحن ذاهبان بالضبط؟” أسألها.
“إذا كنت تتذكر، لدي هدايا لك. وإذا اعتذرت عن هديتك التي تبخرت، فسوف أصفعك على فمك”.
أرى برعم زهرة هيمانثوس أحمر دامي يطل من الجدار، فألتقطه وأقدمه لها.
“هديتي”، قلت. “كنت أنوي مفاجأتك”.
تضحك. “حسنًا إذن. هذا النصف الداخلي لي. وهذا النصف الخارجي لك. لا! لا تشده. سأحتفظ بنصفك”. أشم رائحة زهرة الهيمانثوس في يدها. رائحتها تشبه الصدأ وحساء أمي الشحيح.
داخل مصنع النسيج ، ديدان عنكبوتية بسمك الفخذ ذات فراء بني وأسود، ولها أرجل هيكلية طويلة، تنسج الحرير حولنا. إنها تزحف على طول العوارض المعدنية، وأرجلها النحيلة لا تتناسب مع بطونها الممتلئة. تقودني إيو إلى أعلى مستوى في مصنع النسيج. العوارض المعدنية القديمة مغطاة بالحرير. أرتجف وأنا أنظر إلى المخلوقات أعلاه وأسفلي؛ أفهم أفاعي الحفر، لكنني لا أفهم الديدان العنكبوتية. لقد صنع النحاتون في المجتمع هذه المخلوقات. ضاحكة، تقودني إيو إلى جدار وتسحب ستارة سميكة من نسيج العنكبوت، كاشفة عن قناة معدنية صدئة.
“فتحة تهوية”، تقول. “انكشفت بعد أن تداعى الملاط على الجدران قبل أسبوع تقريبًا. انه أنبوب قديم أيضًا”.
“إيو، سيجلدوننا إذا وجدونا. لا يسمح لنا…”.
“لن أسمح لهم بإفساد هذه الهدية أيضًا.” تقبلني على أنفي. “هيا يا غطاس الجحيم. لا يوجد حتى حفار منصهر في هذا النفق”.
تبعتها عبر سلسلة طويلة من المنعطفات في الممر الصغير حتى خرجنا من خلال شبكة معدنية إلى عالم من الأصوات غير البشرية. هناك أزيز خافت في الظلام. تأخذ بيدي. هذا هو الشيء الوحيد المألوف.
“ما هذا؟” أسألها عن الصوت.
“حيوانات”، تقول، وتقودني إلى الليل الغريب. أحس يشيء ناعم تحت قدمي. أتركها تسحبني إلى الأمام بعصبية. “عشب. أشجار. أشجار يا دارو. نحن في غابة”.
رائحة الزهور. ثم أضواء في الظلام. حيوانات متلألئة ذات بطون خضراء ترفرف في السواد. حشرات ضخمة بأجنحة قزحية اللون ترتفع من الظلال. إنها تنبض بالألوان والحياة. تحتبس أنفاسي وتضحك إيو بينما تمر فراشة بالقرب مني لدرجة أنني أستطيع لمسها.
كل هذه الأشياء موجودة في أغانينا، لكننا لم نرها إلا على مكعب العرض المجسم. ألوانها لا تشبه أي شيء كنت لأصدقه. لم تر عيناي سوى التراب، ووهج المثقاب، والحُمر، واللون الرمادي للخرسانة والمعدن. كان مكعب العرض المجسم هو النافذة التي رأيت من خلالها الألوان. لكن هذا المشهد مختلف.
ألوان الحيوانات الطائرة تحرق عيني. أرتجف وأضحك وأمد يدي وألمس المخلوقات التي تطفو أمامي في الظلام. أصبح طفلًا من جديد، أضمّها بين راحتيّ وأنظر إلى سقف الغرفة الشفاف. إنها فقاعة شفافة تطل على السماء.
السماء. كانت مجرد كلمة في السابق.
لا يمكنني رؤية سطح المريخ، لكن يمكنني رؤية منظره. النجوم تتوهج برقة وأناقة في السماء السوداء اللامعة، مثل الأضواء المتدلية فوق مجمعنا. تبدو إيو كما لو أنها تنتمي لتلك النجوم.
وجهها متوهج وهي تراقبني، تضحك وأنا أسقط على ركبتي وأستنشق رائحة العشب. إنها رائحة غريبة وحلوة وتثير الحنين، على الرغم من عدم وجود ذكريات لدي عن العشب. بينما تئز الحيوانات في مكان قريب في الأدغال، في الأشجار، أسحبها إلى الأسفل، أقبلها وعيناي مفتوحتان لأول مرة. تتأرجح الأشجار وأوراقها بلطف بفعل الهواء القادم من فتحات التهوية. أستوعب الأصوات والروائح والمشهد بينما أمارس أنا وزوجتي الحب على فراش من العشب تحت سقف من النجوم.
“تلك مجرة أندروميدا”، تخبرني لاحقًا ونحن مستلقيان على ظهورنا. تصدر الحيوانات أصوات صرير في الظلام. السماء فوقي تبدو شيئا مرعبا.
إن أطلت النظر فيها، أنسى قوة الجاذبية، وأشعر كأني سأسقط داخلها. تسري قشعريرة في عمودي الفقري. أنا مخلوق من الزوايا والأنفاق والممرات. المنجم هو بيتي، وجزء مني يريد أن يركض إلى بر الأمان، ليهرب من هذه الغرفة الغريبة المليئة بالكائنات الحية والمساحات الشاسعة.
تلتفت إيو لتنظر إلي وتُمرر أصابعها لتتبع ندوب البخار التي تجري مثل الأنهار على صدري. لو نزلت أكثر لوجدت ندوبًا من أفعى الحفر على طول بطني.
“كانت أمي تحكي لي قصصًا عن أندروميدا. كانت ترسم بأحبار أعطاها إياها ذلك الرجل من علب الصفيح ، بريدج. لقد كان معجبًا بها دائمًا، كما تعلم”. بينما نحن مستلقيان معًا، تأخذ نفسًا عميقًا وأعلم أنها خططت لشيء ما، احتفظت بشيء لتتحدث عنه في هذه اللحظة. هذا المكان ورقة ضغط.
“لقد فزت بالإكليل، كلنا نعرف ذلك”، تقول لي.
“لا داعي لتدليلي. لم أعد غاضبًا. لا يهم”، أقول. “بعد رؤية هذا، لا شيء من ذلك يهم”.
“عما تتحدث؟” تسأل بحدة. “إنه يهم أكثر من أي وقت مضى. لقد فزت بالإكليل، لكنهم لم يدعوك تحتفظ به”.
“لا يهم. هذا المكان…”.
“هذا المكان موجود، لكنهم لا يسمحون لنا بالمجيء إلى هنا يا دارو. لا بد أن الرماديين يستخدمونه لأنفسهم. إنهم لا يشاركونه”.
“ولماذا يجب عليهم ذلك؟” أسأل في حيرة.
“لأننا صنعناه. لأنه ملكنا!”.
“هل هو كذلك؟” الفكرة غريبة. كل ما أملكه هو عائلتي ونفسي. كل شيء آخر هو ملك المجتمع. لم ننفق المال لإرسال الرواد إلى هنا. بدونهم، لكنا على الأرض المحتضرة مثل بقية البشرية.
“دارو! أأنت أحمر للدرجة التي لا ترى فيها ما فعلوه بنا؟”.
“انتبهي لنبرة صوتك”، أقول بصرامة.
يتصلب فكها. “أنا آسفة. الأمر فقط… نحن مكبلون بالأغلال يا دارو. نحن لسنا مستوطنين. حسنًا، بالتأكيد نحن كذلك. لكن الأدق أن نُدعى عبيدًا. نتسول الطعام. نتسول الأكاليل مثل الكلاب التي تتسول الفتات من مائدة سيدها”.
“قد تكونين عبدة”، أقول بحدة. “لكنني لست كذلك. أنا لا أتسول. أنا أكسب. أنا غطاس جحيم. لقد ولدت لأضحي، لأجعل المريخ جاهزًا للبشر. هناك نبل في الطاعة…”.
ترفع يديها. “هل أنت دمية ناطقة؟ تبصق سطورهم الملعونة. كان والدك على حق. ربما لم يكن مثاليًا، لكنه كان على حق”. تمسك بخصلة من العشب وتنتزعها من الأرض. يبدو الأمر وكأنه تدنيس للمقدسات.
“لدينا حق في هذه الأرض يا دارو. عرقنا ودماؤنا رويا هذه التربة. ومع ذلك فهي ملك للذهبيين، للمجتمع. كم مضى على هذا الحال؟ مئة، مئة وخمسون عامًا من الرواد الذين ينقبون ويموتون؟ دماؤنا وأوامرهم. نحن نجهز هذه الأرض لألوان لم تذرف عرقًا من أجلنا قط، ألوان تجلس في راحة على عروشها على الأرض البعيدة، ألوان لم تأتِ إلى المريخ قط. هل هذا شيء يستحق العيش من أجله؟ سأقولها مرة أخرى، كان والدك على حق”.
أهز رأسي لها. “إيو، مات أبي قبل أن يبلغ الخامسة والعشرين لأنه كان على حق”.
“كان والدك ضعيفًا”، تهمس.
“ماذا يعني ذلك بحق؟” يرتفع الدم إلى وجهي.
“يعني أنه كان لديه الكثير من ضبط النفس. يعني أن والدك كان لديه الحلم الصحيح لكنه مات لأنه لم يقاتل ليجعله حقيقة”، تقول بحدة.
“كان لديه عائلة ليحميها!”.
“ومع ذلك لا يزال أضعف منك”.
“احترسي”، أقول بصوت خافت.
“احترس؟ هذا ما يقوله دارو، غطاس الجحيم المجنون من لايكوس؟” تضحك بازدراء. “ولد والدك حذرًا، مطيعًا. لكن هل كنت أنت كذلك؟ لم أظن ذلك عندما تزوجتك. يقول الآخرون أنك مثل الآلة، لأنهم يعتقدون أنك لا تعرف الخوف. إنهم عميان. لا يرون كيف يقيدك الخوف”.
تمرر زهرة الهيمانثوس على طول عظمة الترقوة في عرض مفاجئ للحنان. إنها مخلوقة مزاجية. الزهرة بنفس لون خاتم الزواج في إصبعها. أستند على مرفقي لأواجهها.
“قولي ما عندك. ماذا تريدين؟”.
“هل تعرف لماذا أحبك يا غطاس الجحيم ؟” تسأل.
“بسبب حس الدعابة لدي”.
تضحك بمرارة. “لأنك ظننت أنك تستطيع الفوز بالإكليل. أخبرني كيران كيف أحرقت نفسك اليوم”.
أتنهد. “ذلك الثرثار. دائمًا ما يتكلم. ظننت أن هذا ما يفعله الإخوة الأصغر سنًا، وليس الأكبر”.
“كان كيران خائفًا يا دارو. ليس عليك، كما قد تظن. كان خائفًا منك، لأنه لا يستطيع فعل ما فعلته. لم يكن ليفكر في ذلك حتى”.
إنها دائمًا ما تتحدث بالألغاز حولي. أكره الأفكار المجردة التي تعيش من أجلها.
“إذًا، تحبّينني لأنك ترين أنني أعتقد بأن هناك أشياء تستحق المجازفة؟” أستنتج. “أو لأنني طموح؟”.
“لأن لديك عقلًا”، تمازحني.
تجعلني أسألها مرة أخرى. “ماذا تريدين مني أن أفعل يا إيو؟”.
“أن تتصرف. أريدك أن تستخدم مواهبك من أجل حلم والدك. أنت ترى كيف يراقبك الناس، ويستلهمون منك. أريدك أن تعتقد أن امتلاك هذه الأرض، أرضنا، يستحق المخاطرة”.
“ما حجم هذه المخاطرة؟”.
“حياتك. حياتي”.
أسخر. “هل أنتِ متلهفة للتخلص مني إلى هذا الحد؟”.
“تكلم وسينصتون”، تحثني. ” اللعنة، الأمر بهذه البساطة. كل الآذان تتوق إلى صوت يقودها عبر الظلام”.
“عظيم، إذن سأُشنق مع مجموعة. أنا ابن أبي”.
“لن تُشنق”.
أضحك بقسوة مفرطة. “يا لها من زوجة واثقة لدي. سأُشنق”.
“ليس من المفترض أن تكون شهيدًا.” تتنهد، وتستلقي في خيبة أمل. “لن ترى المغزى من ذلك”.
“أوه؟ حسنًا إذن، أخبريني يا إيو. ما المغزى من الموت؟ أنا مجرد ابن شهيد. لذا أخبريني مالذي أنجزه ذلك الرجل بسلبي أبي. أخبريني ما الخير الذي حصلنا عليه من كل هذا الحزن اللعين. أخبريني لماذا من الأفضل أن أتعلم الرقص من عمي بدلاً من أبي”.
وأكمل: “هل وضع موته طعامًا على مائدتك؟ هل جعل أيًا من حياتنا أفضل؟ الموت من أجل قضية لا يفعل شيئًا لعينا. لقد سرق منا ضحكته فقط”. أشعر بالدموع تحرق عيني. “لقد سرق أبًا وزوجًا. فماذا لو لم تكن الحياة عادلة؟ إذا كان لدينا عائلة، فهذا كل ما يجب أن يهم”.
تلعق شفتيها وتأخذ وقتها في الرد. “الموت ليس فراغا كما تقول. الفراغ هو الحياة بدون حرية يا دارو. الفراغ هو العيش مقيدًا بالخوف، الخوف من الفقد، من الموت. أقول فلنكسر تلك السلاسل. اكسر سلاسل الخوف وستكسر السلاسل التي تربطنا بالذهبيين، بالمجتمع. هل يمكنك تخيل ذلك؟ يمكن أن يكون المريخ لنا. يمكن أن ينتمي إلى المستوطنين الذين كدحوا هنا، وماتوا هنا”.
وجهها بات أوضح مع تلاشي الليل عبر السقف الشفاف. إنه حي، متوهج. “إذا قدت الآخرين إلى الحرية. الأشياء التي يمكنك فعلها يا دارو. الأشياء التي يمكنك تحقيقها”. تتوقف وأرى عينيها تلمعان. “يقشعر بدني. لقد مُنحت الكثير، الكثير، لكنك تبقي تطلعاتك منخفضة جدًا”.
“أنت تكررين نفس الأفكار اللعينة”، أقول بمرارة. “تعتقدين أن الحلم يستحق الموت من أجله. أقول أنه لا يستحق. تقولين أنه من الأفضل الموت واقفًا على قدميك. أقول إنه من الأفضل العيش على ركبنا”.
“أنت لا تعيش حتى!” تصرخ. “نحن رجال آليون بعقول آلية، وحياة آلية…”.
“وقلوب آلية؟” أسألها. “هذا ما أنا عليه؟”.
“دارو…”.
“من أجل ماذا تعيشين؟” أسألها فجأة. “هل هو من أجلي؟ هل هو من أجل العائلة والحب؟ أم من أجل حلم ما؟”.
“إنه ليس مجرد حلم ما يا دارو. أنا أعيش من أجل حلم أن يولد أطفالي أحرارًا. أن يكونوا ما يحبون. أن يمتلكوا الأرض التي أعطاهم إياها والدهم”.
“أنا أعيش من أجلكِ”، أقول بحزن.
تقبّل خدي. “إذن يجب أن تعيش من أجل المزيد”.
كان هناك صمت طويل ورهيب يمتد بيننا. إنها لا تفهم كيف تمزق كلماتها قلبي، كيف يمكنها أن تلوي عنقي بهذه السهولة. لأنها لا تحبني كما أحبها. عقلها أسمى من اللازم. وعقلي أدنى من اللازم. ألا أكفيها؟.
“قلتِ إن لديك هدية أخرى لي؟” أقول، مغيرًا الموضوع.
تهز رأسها. “في وقت آخر. الشمس تشرق. شاهدها معي مرة واحدة، على الأقل”. نستلقي في صمت ونشاهد الضوء يتسلل إلى السماء كما لو كان مدًا ناريا. إنه لا يشبه أي شيء كنت أحلم به. لا أستطيع إيقاف الدموع التي تتجمع في زوايا عيني بينما يتحول العالم الخارجي إلى مضيء وتنكشف ألوان الأشجار الخضراء والبنية والصفراء في الغرفة. إنه الجمال. إنه حلم.
أظل صامتًا ونحن نعود إلى كآبة القنوات الرمادية. تظل الدموع في عيني ومع تلاشي جلال ما رأيت؛ أتساءل ماذا تريد إيو مني. هل تريد مني أن آخذ نصلي المنجلي وأبدأ تمردًا؟. سأموت. ستموت عائلتي. ستموت هي، ولا شيء سيجعلني أخاطر بها.
إنها تعرف ذلك. أحاول أن أكتشف ما قد تكون هديتها الأخرى عندما نخرج من القنوات إلى مصنع النسيج. أتدحرج أولاً من الفتحة وأمد يدي نحوها عندها أسمع صوتًا. إنه صوت بلكنة أرضية، متملقة. يقول ببطء: “حُمرٌ في حدائقنا”. “يا له من أمر!”.
……
ترجمة [Great Reader]
Jokeeeer
حوار عن تاريخ عطب الطل
محمد
ممكن شرح للعالم لاني صراحة ما اقر اتخيله